خطبة الجمعة...">
0 تصويتات
في تصنيف إسلامية بواسطة (3.7مليون نقاط)

خطبة الجمعة المذاعة والموزعة مكتوبة قابلة للنسخ 

خطبة الجمعة المذاعة والموزعة مكتوبة قابلة للنسخ 

بتاريخ 9 من شعبان 1443هـ - الموافق 11 / 3 / 2022م

خطبة الجمعة بعنوان فَضَائِلُ شَهْرِ شَعْبَانَ

سلام الله عليكم بالخير والبركات أعزائي الزوار الباحثين عن خطب الجمعة، خطب أعياد المسلمين والمسلمات، خطب محطة التزود للتقرب والرجوع إلى الله. نرحب بكم من هنا من منبر موقع مدينة العلم www.madeilm.net يقدم لكم افضل الخطب المكتوبة الجاهزة للطباعة والقابلة للنسخ من هنا. وحيث نقدم لكم خطب الجمع المعاصرة, وكذلك خطب الجمعة في المناسبات الدينية والتواريخ الهجرية الجديدة، وكذلك نبث لكم الخطب المكتوبة والمشكلة والجاهزة التي تتحدث عن مايحدث في البلدان العربية. وإليكم نقدم لكم خطبة الجمعة بعنوان.خطبة الجمعة المذاعة والموزعة مكتوبة قابلة للنسخ ... 

إِنَّ الحَمْدَ لِلَّهِ، نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَن لَّا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيماً كَثِيرًا، ) يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ( [آل عمران:102].

أَمَّا بَعْدُ:

فَإِنَّ أَصْدَقَ الحَدِيثِ كَلَامُ اللهِ تَعَالَى، وَخَيْرَ الْهَدْيِ هَدْيُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَشَرَّ الأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا، وَكُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ، وَكُلَّ ضَلَالَةٍ فِي النَّارِ.

مَعَاشِرَ الْمُسْلِمِينَ:

جَاءَكُمْ وَافِدٌ بَيْنَ يَدَيْ ضَيْفٍ كَرِيمٍ، وَقَادِمٍ عَظِيمٍ، لَهُ مَحَبَّةٌ فِي قُلُوبِكُمْ، وَلَهْفَةٌ فِي نُفُوسِكُمْ، إِنَّهُ شَهْرُ شَعْبَانَ؛ رَسُولُ رَمَضَانَ وَطَلِيعَتُهُ، وَسَفِيرُهُ إِلَيْكُمْ وَبِشَارَتُهُ. لَقَدْ أَظَلَّكُمْ شَعْبَانُ: شَهْرٌ تَشَعَّبَتْ فِيهِ الْخَيْرَاتُ، وَتَنَوَّعَتْ فِيهِ الأَعْمَالُ الصَّالِحَاتُ، فَفِيهِ لِلْخَيْرِ ذِكْرَيَاتٌ، وَلِلْقُرْآنِ تَنَزُّلَاتٌ، إِذْ فِيهِ فَرَضَ اللهُ صِيَامَ شَهْرِ رَمَضَانَ عَلَى هَذِهِ الأُمَّةِ؛ لِتَبْلُغَ بِالتَّقْوَى مَرْتَبَةَ الْقِمَّةِ؛ قَالَ اللهُ تَعَالَى: )يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ( [البقرة:183].

عِبَادَ اللهِ:

شَهْرُ شَعْبَانَ، شَهْرٌ عَظِيمٌ يَغْفُلُ النَّاسُ عَنْهُ بَيْنَ رَجَبٍ وَرَمَضَانَ، كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُكْثِرُ مِنَ الصِّيَامِ فِيهِ؛ فَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا قَالَتْ: (كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَصُومُ حَتَّى نَقُولَ لَا يُفْطِرُ، وَيُفْطِرُ حَتَّى نَقُولَ لَا يَصُومُ، فَمَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اسْتَكْمَلَ صِيَامَ شَهْرٍ إِلَّا رَمَضَانَ، وَمَا رَأَيْتُهُ أَكْثَرَ صِيَامًا مِنْهُ فِي شَعْبَانَ). وَعَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا - قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، لَمْ أَرَكَ تَصُومُ شَهْرًا مِنَ الشُّهُورِ مَا تَصُومُ مِنْ شَعْبَانَ؟! قَالَ: «ذَلِكَ شَهْرٌ يَغْفُلُ النَّاسُ عَنْهُ بَيْنَ رَجَبٍ وَرَمَضَانَ، وَهُوَ شَهْرٌ تُرْفَعُ فِيهِ الأَعْمَالُ إِلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ، فَأُحِبُّ أَنْ يُرْفَعَ عَمَلِي وَأَنَا صَائِمٌ» [رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالنَّسَائِيُّ وَحَسَّنَهُ الأَلْبَانِيُّ].

إِخْوَةَ الإِسْلَامِ:

لَقَدْ كَانَ بَعْضُ السَّلَفِ يُسَمُّونَ هَذَا الشَّهْرَ شَهْرَ القُرَّاءِ؛ لِاجْتِهَادِهِمْ مَعَ الصِّيَامِ بِقِرَاءَةِ القُرْآنِ، قَالَ سَلَمَةُ بْنُ كُهَيْلٍ رَحِمَهُ اللهُ: (كَانَ يُقَالُ: شَهْرُ شَعْبَانَ شَهْرُ القُرَّاءِ)، وَكَانَ حَبِيبُ بْنُ أَبِي ثَابِتٍ -رَحِمَهُ اللهُ- إِذَا دَخَلَ شَعْبَانُ قَالَ: (هَذَا شَهْرُ القُرَّاءِ)، وَ كَانَ عَمْرُو بْنُ قَيْسٍ المُلَائِيُّ -رَحِمَهُ اللهُ- إِذَا دَخَلَ شَعْبَانُ أَغْلَقَ حَانُوتَهُ وَتَفَرَّغَ لِقِرَاءَةِ القُرْآنِ.

وَقَدْ عَدَّ بَعْضُ السَّلَفِ شَهْرَ رَجَبٍ شَهْرَ الزَّرْعِ، وَشَعْبَانَ شَهْرَ سَقْيِ الزَّرْعِ، وَرَمَضَانَ شَهْرَ حَصَادِ الزَّرْعِ. وَرَحِمَ اللهُ مَنْ قَالَ:

مَضَى رَجَبٌ وَمَا أَحْسَنْتَ فِيهِ وَهَذَا شَهْرُ شَعْبَانَ الْمُبَارَكْ

فَيَا مَنْ ضَيَّعَ الأَوْقَاتَ جَهْــلًا بِحُرْمَتِهَا أَفِقْ وَاحْذَرْ بَوَارَكْ

فَأَقْبِلُوا -عِبَادَ اللهِ- عَلَى اللهِ بِقُلُوبِكُمْ وَأَعْمَالِكُمْ؛ فَالدُّنْيَا طَرِيقُ الآخِرَةِ: إِنْ أَحْسَنْتَ فِيهَا أَفْلَحْتَ، وَإِنْ أَسَأْتَ فِيهَا خِبْتَ وَخَسِرْتَ.

أَقُولُ مَا تَسْمَعُونَ وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ العَظِيمَ لِي وَلَكُمْ مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ، فَاسْتَغْفِرُوهُ إِنَّهُ هُوَ الغَفُورُ الرَّحِيمُ.

الخطبة الثانية

الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي وَفَّقَ أَهْلَ الإِيمَانِ لِطَاعَتِهِ، وَيَسَّرَ لَهُمْ سَبِيلَ الْوُصُولِ إِلَى رِضْوَانِهِ وَمَحَبَّتِهِ، وَأَشْهَدُ أَن لَّا إِلَهَ إلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُ اللهِ وَرَسُولُهُ، اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحَابَتِهِ، وَسَلِّمْ تَسْلِيماً كَثِيرًا إِلَى يَوْمِ يُحْشَرُ الْمُتَّقُونَ إِلَى دَارِ كَرَامَتِهِ.

أَمَّا بَعْدُ:

فَأُوصِيكُمْ – عِبَادَ اللهِ- وَنَفْسِي بِتَقْوَى اللهِ تَعَالَى؛ فَمَنِ اتَّقَى اللهَ وَقَاهُ، وَنَصَرَهُ وَكَفَاهُ.

أَيُّهَا المُسْلِمُونَ:

مَنْ كَانَ عَلَيْهِ قَضَاءٌ مِنْ رَمَضَانَ المَاضِي فَلْيُبَادِرْ إِلَى صِيَامِهِ قَبْلَ دُخُولِ رَمَضَانَ، فَعَلَى الأَبِ وَالزَّوْجِ أَنْ يُذَكِّرَ زَوْجَتَهُ وَأَوْلَادَهُ بِقَضَاءِ مَا فَاتَهُمْ؛ فَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ يَتَسَاهَلُونَ وَيَتَنَاسَوْنَ حَتَّى يَدْخُلَ عَلَيْهِمْ رَمَضَانُ، فَيَتَرَتَّبُ عَلَى هَذَا التَّسْوِيفِ وَالتَّسَاهُلِ الإِثْمُ وَالْفِدْيَةُ.

عَنْ أَبِي سَلَمَةَ -رَحِمَهُ اللهُ- قَالَ: (سَمِعْتُ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا تَقُولُ: كَانَ يَكُونُ عَلَيَّ الصَّوْمُ مِنْ رَمَضَانَ، فَمَا أَسْتَطِيعُ أَنْ أَقْضِيَهُ إِلَّا فِي شَعْبَانَ) [رَوَاهُ البُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ]. قَالَ الحَافِظُ ابْنُ حَجَرٍ رَحَمِهُ اللهُ: (وَيُؤْخَذُ مِنْ حِرْصِهَا عَلَى ذَلِكَ فِي شَعْبَانَ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ تَأْخِيرُ القَضَاءِ حَتَّى يَدْخُلَ رَمَضَانُ آخَرُ).

وَمِمَّا يَنْبَغِي التَّنْبِيهُ عَلَيْهِ: أَنَّ فِي مُنْتَصَفِ هَذَا الشَّهْرِ أُمُورًا أَحْدَثَهَا بَعْضُ النَّاسِ، مِثْلَ: تَخْصِيصِ بَعْضِهِمْ لَيْلَةَ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ بِالصَّلَاةِ وَقِيَامِ اللَّيْلِ دُونَ سَائِرِ الأَيَّامِ وَاللَّيَالِي، وَإِحْيَاءِ تِلْكَ اللَّيْلَةِ بِالذِّكْرِ وَالدُّعَاءِ، وَهَذَا التَّخْصِيصُ بِدْعَةٌ فِي الدِّينِ، وَضَلَالَةٌ لَمْ يَفْعَلْهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَا أَصْحَابُهُ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ- وَمَا لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُمْ دِينًا فَلَا يَكُونُ أَبَدًا اليَوْمَ دِينًا، إِذْ لَوْ كَانَ خَيْرًا لَسَبَقُونَا إِلَيْهِ.

وَاعْلَمُوا -إِخْوَةَ الإِسْلَامِ-: أَنَّنَا فِي شَهْرٍ كَرِيمٍ، جَعَلَهُ اللهُ بُشْرَى بَيْنَ يَدَيْ شَهْرٍ عَظِيمٍ، فَحَرِيٌّ بِالْمُؤْمِنِ أَنْ يَغْتَنِمَ جُلَّ أَوْقَاتِهِ، وَيَسْتَثْمِرَ بِالْخَيْرِ سَاعَاتِهِ، وَمَا أَكْثَرَ الأَعْمَالَ الَّتِي تُقَرِّبُ الْعَبْدَ إِلَى رَبِّهِ زُلْفَى، فَهِيَ مَا بَيْنَ صَلَاةٍ وَصِيَامٍ، وَزَكَاةٍ وَعُمْرَةٍ وَصِلَةٍ لِلْأَرْحَامِ، وَإِحْسَانٍ إِلَى الأَرَامِلِ وَالأَيْتَامِ، وَالْفُقَرَاءِ وَسَائِرِ الأَنَامِ، وَالْمُحَافَظَةِ عَلَى الْجُمَعِ وَالْجَمَاعَاتِ، وَالتَّقَرُّبِ بِسَائِرِ الطَّاعَاتِ، وَالْعُكُوفِ عَلَى كِتَابِ اللهِ وَالْخَشْيَةِ مِنْهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى فِي الْجَلَوَاتِ وَالْخَلَوَاتِ، وَبِرِّ الْوَالِدَيْنِ وَالأَرْحَامِ، وَالْعَطْفِ عَلَى الْخَدَمِ وَالْجِيرَانِ، وَصَوْنِ الْجَوَارِحِ عَنِ الآثَامِ وَالزَّلَلِ، وَالْجِدِّ وَالْمُتَابَعَةِ وَالإِخْلَاصِ فِي الْعَمَلِ.

اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِلْمُسْلِمِينَ وَالْـمُسْلِمَاتِ؛ الأَحْيَاءِ مِنْهُمْ وَالأَمْوَاتِ، إِنَّكَ قَرِيبٌ سَمِيعٌ مُجِيبُ الدَّعَوَاتِ، اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ مُوجِبَاتِ رَحْمَتِكَ، وَعَزَائِمَ مَغْفِرَتِكَ، وَالسَّلَامَةَ مِنْ كُلِّ إِثْمٍ وَالغَنِيمَةَ مِنْ كُلِّ بِرٍّ، وَالفَوْزَ بِالجَنَّةِ وَالنَّجَاةَ مِنَ النَّارِ، اللَّهُمَّ إِنَّا نَعُوذُ بِكَ مِنْ زَوَالِ نِعْمَتِكَ، وَتَحَوُّلِ عَافِيَتِكَ، وَفُجَاءَةِ نِقْمَتِكَ، وَجَمِيعِ سَخَطِكَ، اللَّهُمَّ وَفِّقْ أَمِيرَنَا لِمَا تُحِبُّ وَتَرْضَى، وَخُذْ بِنَاصِيَتِهِ لِلْبِرِّ وَالتَّقْوَى، اللَّهُمَّ وَفِّقْهُ وَوَلِيَّ عَهْدِهِ لِهُدَاكَ، وَاجْعَلْ أَعْمَالَهُمَا الصَّالِحَةَ فِي رِضَاكَ، وَاجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِناً مُطْمَئِنًّا، سَخَاءً رَخَاءً، دَارَ عَدْلٍ وَإِيمَانٍ، وَسَائِرَ بِلَادِ الْـمُسْلِمِينَ.

1 إجابة واحدة

0 تصويتات
بواسطة (3.7مليون نقاط)
 
أفضل إجابة

خطبة الجمعة المذاعة والموزعة

بتاريخ 8 من شعبان 1443هـ - الموافق 11 / 3 / 2022م

فَضَائِلُ شَهْرِ شَعْبَانَ

إِنَّ الحَمْدَ لِلَّهِ، نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَن لَّا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيماً كَثِيرًا، ) يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ( [آل عمران:102].

أَمَّا بَعْدُ:

فَإِنَّ أَصْدَقَ الحَدِيثِ كَلَامُ اللهِ تَعَالَى، وَخَيْرَ الْهَدْيِ هَدْيُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَشَرَّ الأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا، وَكُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ، وَكُلَّ ضَلَالَةٍ فِي النَّارِ.

مَعَاشِرَ الْمُسْلِمِينَ:

جَاءَكُمْ وَافِدٌ بَيْنَ يَدَيْ ضَيْفٍ كَرِيمٍ، وَقَادِمٍ عَظِيمٍ، لَهُ مَحَبَّةٌ فِي قُلُوبِكُمْ، وَلَهْفَةٌ فِي نُفُوسِكُمْ، إِنَّهُ شَهْرُ شَعْبَانَ؛ رَسُولُ رَمَضَانَ وَطَلِيعَتُهُ، وَسَفِيرُهُ إِلَيْكُمْ وَبِشَارَتُهُ. لَقَدْ أَظَلَّكُمْ شَعْبَانُ: شَهْرٌ تَشَعَّبَتْ فِيهِ الْخَيْرَاتُ، وَتَنَوَّعَتْ فِيهِ الأَعْمَالُ الصَّالِحَاتُ، فَفِيهِ لِلْخَيْرِ ذِكْرَيَاتٌ، وَلِلْقُرْآنِ تَنَزُّلَاتٌ، إِذْ فِيهِ فَرَضَ اللهُ صِيَامَ شَهْرِ رَمَضَانَ عَلَى هَذِهِ الأُمَّةِ؛ لِتَبْلُغَ بِالتَّقْوَى مَرْتَبَةَ الْقِمَّةِ؛ قَالَ اللهُ تَعَالَى: )يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ( [البقرة:183].

عِبَادَ اللهِ:

شَهْرُ شَعْبَانَ، شَهْرٌ عَظِيمٌ يَغْفُلُ النَّاسُ عَنْهُ بَيْنَ رَجَبٍ وَرَمَضَانَ، كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُكْثِرُ مِنَ الصِّيَامِ فِيهِ؛ فَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا قَالَتْ: (كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَصُومُ حَتَّى نَقُولَ لَا يُفْطِرُ، وَيُفْطِرُ حَتَّى نَقُولَ لَا يَصُومُ، فَمَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اسْتَكْمَلَ صِيَامَ شَهْرٍ إِلَّا رَمَضَانَ، وَمَا رَأَيْتُهُ أَكْثَرَ صِيَامًا مِنْهُ فِي شَعْبَانَ). وَعَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا - قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، لَمْ أَرَكَ تَصُومُ شَهْرًا مِنَ الشُّهُورِ مَا تَصُومُ مِنْ شَعْبَانَ؟! قَالَ: «ذَلِكَ شَهْرٌ يَغْفُلُ النَّاسُ عَنْهُ بَيْنَ رَجَبٍ وَرَمَضَانَ، وَهُوَ شَهْرٌ تُرْفَعُ فِيهِ الأَعْمَالُ إِلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ، فَأُحِبُّ أَنْ يُرْفَعَ عَمَلِي وَأَنَا صَائِمٌ» [رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالنَّسَائِيُّ وَحَسَّنَهُ الأَلْبَانِيُّ].

إِخْوَةَ الإِسْلَامِ:

لَقَدْ كَانَ بَعْضُ السَّلَفِ يُسَمُّونَ هَذَا الشَّهْرَ شَهْرَ القُرَّاءِ؛ لِاجْتِهَادِهِمْ مَعَ الصِّيَامِ بِقِرَاءَةِ القُرْآنِ، قَالَ سَلَمَةُ بْنُ كُهَيْلٍ رَحِمَهُ اللهُ: (كَانَ يُقَالُ: شَهْرُ شَعْبَانَ شَهْرُ القُرَّاءِ)، وَكَانَ حَبِيبُ بْنُ أَبِي ثَابِتٍ -رَحِمَهُ اللهُ- إِذَا دَخَلَ شَعْبَانُ قَالَ: (هَذَا شَهْرُ القُرَّاءِ)، وَ كَانَ عَمْرُو بْنُ قَيْسٍ المُلَائِيُّ -رَحِمَهُ اللهُ- إِذَا دَخَلَ شَعْبَانُ أَغْلَقَ حَانُوتَهُ وَتَفَرَّغَ لِقِرَاءَةِ القُرْآنِ.

وَقَدْ عَدَّ بَعْضُ السَّلَفِ شَهْرَ رَجَبٍ شَهْرَ الزَّرْعِ، وَشَعْبَانَ شَهْرَ سَقْيِ الزَّرْعِ، وَرَمَضَانَ شَهْرَ حَصَادِ الزَّرْعِ. وَرَحِمَ اللهُ مَنْ قَالَ:

مَضَى رَجَبٌ وَمَا أَحْسَنْتَ فِيهِ وَهَذَا شَهْرُ شَعْبَانَ الْمُبَارَكْ

فَيَا مَنْ ضَيَّعَ الأَوْقَاتَ جَهْــلًا بِحُرْمَتِهَا أَفِقْ وَاحْذَرْ بَوَارَكْ

فَأَقْبِلُوا -عِبَادَ اللهِ- عَلَى اللهِ بِقُلُوبِكُمْ وَأَعْمَالِكُمْ؛ فَالدُّنْيَا طَرِيقُ الآخِرَةِ: إِنْ أَحْسَنْتَ فِيهَا أَفْلَحْتَ، وَإِنْ أَسَأْتَ فِيهَا خِبْتَ وَخَسِرْتَ.

أَقُولُ مَا تَسْمَعُونَ وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ العَظِيمَ لِي وَلَكُمْ مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ، فَاسْتَغْفِرُوهُ إِنَّهُ هُوَ الغَفُورُ الرَّحِيمُ.

الخطبة الثانية

الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي وَفَّقَ أَهْلَ الإِيمَانِ لِطَاعَتِهِ، وَيَسَّرَ لَهُمْ سَبِيلَ الْوُصُولِ إِلَى رِضْوَانِهِ وَمَحَبَّتِهِ، وَأَشْهَدُ أَن لَّا إِلَهَ إلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُ اللهِ وَرَسُولُهُ، اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحَابَتِهِ، وَسَلِّمْ تَسْلِيماً كَثِيرًا إِلَى يَوْمِ يُحْشَرُ الْمُتَّقُونَ إِلَى دَارِ كَرَامَتِهِ.

أَمَّا بَعْدُ:

فَأُوصِيكُمْ – عِبَادَ اللهِ- وَنَفْسِي بِتَقْوَى اللهِ تَعَالَى؛ فَمَنِ اتَّقَى اللهَ وَقَاهُ، وَنَصَرَهُ وَكَفَاهُ.

أَيُّهَا المُسْلِمُونَ:

مَنْ كَانَ عَلَيْهِ قَضَاءٌ مِنْ رَمَضَانَ المَاضِي فَلْيُبَادِرْ إِلَى صِيَامِهِ قَبْلَ دُخُولِ رَمَضَانَ، فَعَلَى الأَبِ وَالزَّوْجِ أَنْ يُذَكِّرَ زَوْجَتَهُ وَأَوْلَادَهُ بِقَضَاءِ مَا فَاتَهُمْ؛ فَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ يَتَسَاهَلُونَ وَيَتَنَاسَوْنَ حَتَّى يَدْخُلَ عَلَيْهِمْ رَمَضَانُ، فَيَتَرَتَّبُ عَلَى هَذَا التَّسْوِيفِ وَالتَّسَاهُلِ الإِثْمُ وَالْفِدْيَةُ.

عَنْ أَبِي سَلَمَةَ -رَحِمَهُ اللهُ- قَالَ: (سَمِعْتُ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا تَقُولُ: كَانَ يَكُونُ عَلَيَّ الصَّوْمُ مِنْ رَمَضَانَ، فَمَا أَسْتَطِيعُ أَنْ أَقْضِيَهُ إِلَّا فِي شَعْبَانَ) [رَوَاهُ البُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ]. قَالَ الحَافِظُ ابْنُ حَجَرٍ رَحَمِهُ اللهُ: (وَيُؤْخَذُ مِنْ حِرْصِهَا عَلَى ذَلِكَ فِي شَعْبَانَ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ تَأْخِيرُ القَضَاءِ حَتَّى يَدْخُلَ رَمَضَانُ آخَرُ).

وَمِمَّا يَنْبَغِي التَّنْبِيهُ عَلَيْهِ: أَنَّ فِي مُنْتَصَفِ هَذَا الشَّهْرِ أُمُورًا أَحْدَثَهَا بَعْضُ النَّاسِ، مِثْلَ: تَخْصِيصِ بَعْضِهِمْ لَيْلَةَ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ بِالصَّلَاةِ وَقِيَامِ اللَّيْلِ دُونَ سَائِرِ الأَيَّامِ وَاللَّيَالِي، وَإِحْيَاءِ تِلْكَ اللَّيْلَةِ بِالذِّكْرِ وَالدُّعَاءِ، وَهَذَا التَّخْصِيصُ بِدْعَةٌ فِي الدِّينِ، وَضَلَالَةٌ لَمْ يَفْعَلْهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَا أَصْحَابُهُ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ- وَمَا لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُمْ دِينًا فَلَا يَكُونُ أَبَدًا اليَوْمَ دِينًا، إِذْ لَوْ كَانَ خَيْرًا لَسَبَقُونَا إِلَيْهِ.

وَاعْلَمُوا -إِخْوَةَ الإِسْلَامِ-: أَنَّنَا فِي شَهْرٍ كَرِيمٍ، جَعَلَهُ اللهُ بُشْرَى بَيْنَ يَدَيْ شَهْرٍ عَظِيمٍ، فَحَرِيٌّ بِالْمُؤْمِنِ أَنْ يَغْتَنِمَ جُلَّ أَوْقَاتِهِ، وَيَسْتَثْمِرَ بِالْخَيْرِ سَاعَاتِهِ، وَمَا أَكْثَرَ الأَعْمَالَ الَّتِي تُقَرِّبُ الْعَبْدَ إِلَى رَبِّهِ زُلْفَى، فَهِيَ مَا بَيْنَ صَلَاةٍ وَصِيَامٍ، وَزَكَاةٍ وَعُمْرَةٍ وَصِلَةٍ لِلْأَرْحَامِ، وَإِحْسَانٍ إِلَى الأَرَامِلِ وَالأَيْتَامِ، وَالْفُقَرَاءِ وَسَائِرِ الأَنَامِ، وَالْمُحَافَظَةِ عَلَى الْجُمَعِ وَالْجَمَاعَاتِ، وَالتَّقَرُّبِ بِسَائِرِ الطَّاعَاتِ، وَالْعُكُوفِ عَلَى كِتَابِ اللهِ وَالْخَشْيَةِ مِنْهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى فِي الْجَلَوَاتِ وَالْخَلَوَاتِ، وَبِرِّ الْوَالِدَيْنِ وَالأَرْحَامِ، وَالْعَطْفِ عَلَى الْخَدَمِ وَالْجِيرَانِ، وَصَوْنِ الْجَوَارِحِ عَنِ الآثَامِ وَالزَّلَلِ، وَالْجِدِّ وَالْمُتَابَعَةِ وَالإِخْلَاصِ فِي الْعَمَلِ.

اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِلْمُسْلِمِينَ وَالْـمُسْلِمَاتِ؛ الأَحْيَاءِ مِنْهُمْ وَالأَمْوَاتِ، إِنَّكَ قَرِيبٌ سَمِيعٌ مُجِيبُ الدَّعَوَاتِ، اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ مُوجِبَاتِ رَحْمَتِكَ، وَعَزَائِمَ مَغْفِرَتِكَ، وَالسَّلَامَةَ مِنْ كُلِّ إِثْمٍ وَالغَنِيمَةَ مِنْ كُلِّ بِرٍّ، وَالفَوْزَ بِالجَنَّةِ وَالنَّجَاةَ مِنَ النَّارِ، اللَّهُمَّ إِنَّا نَعُوذُ بِكَ مِنْ زَوَالِ نِعْمَتِكَ، وَتَحَوُّلِ عَافِيَتِكَ، وَفُجَاءَةِ نِقْمَتِكَ، وَجَمِيعِ سَخَطِكَ، اللَّهُمَّ وَفِّقْ أَمِيرَنَا لِمَا تُحِبُّ وَتَرْضَى، وَخُذْ بِنَاصِيَتِهِ لِلْبِرِّ وَالتَّقْوَى، اللَّهُمَّ وَفِّقْهُ وَوَلِيَّ عَهْدِهِ لِهُدَاكَ، وَاجْعَلْ أَعْمَالَهُمَا الصَّالِحَةَ فِي رِضَاكَ، وَاجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِناً مُطْمَئِنًّا، سَخَاءً رَخَاءً، دَارَ عَدْلٍ وَإِيمَانٍ، وَسَائِرَ بِلَادِ الْـمُسْلِمِينَ.

اسئلة متعلقة

مرحبًا بك إلى موقع مدينة العلم، حيث يمكنك طرح الأسئلة وانتظار الإجابة عليها من المستخدمين الآخرين.
...