تاريخ السلطان عبد الحميد الأول ملك الدولة العثمانية العلية ومعاهدة كوتشوك قينارجي
اعزائي الزوار الكرام حياكم الله من أعماق قلوبنا من هنا من منبر موقع مدينة العلم madeilm سوف نقدم لكم ماكتب وعرض في كتب التاريخ عن الآتي :
تاريخ السلطان عبد الحميد الأول ملك الدولة العثمانية العلية ومعاهدة كوتشوك قينارجي
تكون الإجابة الصحيحة كالتالي /
الدولة_العلية_العثمانية
السلطان عبد الحميد الأول (1773-1789م)
صعد الأمير عبد الحميد ابن السلطان الراحل أحمد الثالث إلى الحكم قبل أن يبلغ الخمسين بشهور، ليتسمَّى بعبد الحميد الأول. قضى السلطان حياته السابقة كلَّها -للأسف- في سجنه الملكي، ممَّا جعل حظوظه في السياسة قليلة، وإن كانت رغباته في الإصلاح كثيرة. كان السلطان محبًّا للسلام، ومع ذلك ابتُلي في فترة حكمه بعدَّة حروب، كان أولها تلك الحرب الروسيَّة التي لم تنتهِ منذ عهد سلفه مصطفى الثالث.
استئناف الحرب الروسية:
▪أخرج العثمانيون جيشًا يقدَّر بأربعين ألف جنديٍّ في اتِّجاه الإفلاق في أول صيف 1774م. تجاوز الجيش ڤارنا في بلغاريا، ولكنه فوجئ في 20 يونيو بجيشٍ روسيٍّ يُقدَّر بثمانية آلاف جنديٍّ فقط عند قرية كوزلوجا Kozludzha على بعد عشرين كيلو متر فقط غرب ڤارنا (الآن سوڤوروڤو Suvorovo في بلغاريا).
▪كانت المفاجأة محبطةً للجيش العثماني؛ لأن هذه أول مرَّة يعبر فيها الجيش الروسي نهر الدانوب إلى بلغاريا، وهذا يحمل جرأةً كبيرة، ونيَّاتٍ واضحةً للوصول إلى إسطنبول. وقعت الهزيمة في الجيش العثماني بسرعة، وقُتِل منه ثلاثة آلاف، بينما لم يفقد الروس سوى مائتين وتسعة جنود[5]، واستولى الجيش الروسي على كلِّ مدفعيَّة الجيش العثماني الذي لاذ بالفرار غربًا إلى مدينة شومين Shumen على بعد خمسين كيلو مترًا من أرض الموقعة.
▪لحق الجيش الروسي بالعثمانيين الذين فقدوا مدفعيَّتهم ومعنويَّاتهم، وضرب حولهم الحصار. أعلن الجيش العثماني الاستسلام والقبول للجلوس للتفاوض عارضين الموافقة على الشروط الروسيَّة السابقة غير المقبولة في مفاوضات عام 1772م. بعد مراسلاتٍ سريعةٍ للحكومتين، اتُّفِق على التفاوض، واجتمعوا لذلك في قريةٍ صغيرةٍ شمال شرق بلغاريا اسمها كوتشوك قينارجي Kuchuk-Kainarji (الآن Kaynardzha)، لتُعقد هناك واحدةٌ من أهمِّ المعاهدات في التاريخ العثماني، والروسي، والأوروبي، معًا!
ماهي معاهدة كوتشوك قينارجي (21 يوليو 1774م)
▪توصَّل الطرفان الروسي والعثماني، إلى اتِّفاقٍ نهائيٍّ لفضِّ النزاع، وإقرار السلام بين الدولتين، ولأن الاتفاق بين غالبٍ ومغلوبٍ كان لا بُدَّ للشروط أن تكون مجحفةً للعثمانيين! شملت الاتفاقيَّة ثمانيةً وعشرين بندًا بتفصيلاتٍ دقيقة، وكُتِبَت بثلاث لغات؛ التركية، والروسية، والإيطالية، ووقَّع الطرف التركي على المعاهدة في 17 يوليو، بينما أجَّل الطرف الروسي توقيعه إلى 21 يوليو ليتوافق مع ذكرى مرور ثلاثة وستِّين عامًا على معاهدة بروت Prut، التي كانت لصالح العثمانيين على حساب الروس، وهو بذلك يريد أن يمحو هذا التاريخ السيِّء من الذاكرة الروسيَّة.
سنذكر الآن بإيجاز ملخَّص ما جاء في هذه المعاهدة، أمَّا نصُّها الكامل فأورده جودت باشا في تاريخه، وأكَّدته مصادر أوروبية كثيرة، ولنا عليها بعد ذلك بعض التعليقات المهمَّة:
1. تتوقَّف الحرب تمامًا بين الطرفين، ويحل السلام.
2. يُعفَى عن جرائم وأخطاء رعايا الدولتين أثناء الحرب (هذا بندٌ مهمٌّ بالنسبة إلى الروس، وذلك لكيلا تُعاقِب الدولةُ العثمانيةُ المتمرِّدين النصارى في اليونان، أو المسلمين في مصر ولبنان ممَّن تعاونوا مع الروس، وبذلك يحتفظ الروس بولائهم لهم).
3. تتنازل الدولة العثمانية لروسيا عن عدَّة أقاليم ومدن تشمل الآتي:
a. ميناء آزوڤ، ومضيق كيرش المؤدِّي إلى البحر الأسود، والمناطق المحيطة.
b. الأراضي الواقعة بين نهري الدنيبر Dnieper، وبوج Bug، ويشمل هذا ميناء خيرسون Kherson الواقع على مصب الدنيبر في البحر الأسود، كما يشمل قلعة كينبورن Castle of Kinburn، ويعتبر بذلك نهر بوج هو الحدُّ الفاصل بين الدولتين.
c. مقاطعة كابارديا Kabardiaفي شمال القوقاز (شمال شرق البحر الأسود، وفي روسيا الآن).
4. تعود الأقاليم التالية إلى الدولة العثمانية (وكانت روسيا قد احتلتها خلال السنوات الست السابقة):
a. البغدان
b. الإفلاق
c. إقليم بسارابيا Bessarabia، وهو الواقع بين نهري دنيستر Dniester شرقًا، وبروت Prut غربًا، وهو الآن في مولدوڤا وأوكرانيا.
d. الأجزاء المحتلة من بلغاريا.
e. چورچيا.
f. جزر إيجة المحتلَّة من روسيا.
5. تخرج بلاد القرم كلُّها من التبعيَّة العثمانية، ويعترف الطرفان الروسي والعثماني باستقلالها التام، وتنسحب منها جيوش الدولتين.
6. تُمنح روسيا حقَّ الملاحة التجاريَّة في البحر الأسود، كما يحقُّ لسفنها التجاريَّة أن تعبر المضايق إلى البحر المتوسط بحريَّةٍ تامَّة.
7. يمنح القيصر الروسي لقب البادشاه (الإمبراطور) في المراسلات الرسميَّة للدولة العثمانية.
8. يحقُّ لروسيا بناء كنيسةٍ في إسطنبول، ويحقُّ لها متابعة الأمور الكنسيَّة إذا اقتضت الحاجة. هذا البند ستُفسِّره الحكومة الروسيَّة لاحقًا على أنه حقُّ حماية حقوق الأرثوذكس في الدولة العثمانية كلِّها.
9. يحقُّ لروسيا بناء القنصليَّات في المدن العثمانية التي تراها مناسبة؛ وذلك لرعاية حقوق التجَّار والرعايا الروس.
10. تتعهَّد الدولة العثمانية بإعفاء مواطني البغدان والإفلاق من الضريبة لمدَّة عامين، وتتعهَّد بمعاملتهم معاملةً كريمة، وإعطائهم حقَّ الهجرة إذا أرادوا، مع كامل ممتلكاتهم، والكلام نفسه على مواطني اليونان (على الرغم من تمرُّدهم السابق، الذي أُخْمِد في عام 1771م).
11. تتعهد الدولة العثمانية بدفع غرامةٍ حربيَّةٍ قدرها خمسة عشر ألف كيس في مدَّة ثلاث سنوات. (قَدَّرها أوزتونا بسبعمائةٍ وخمسين مليون آقجة فضيَّة، وهي عملة الدولة العثمانية آنذاك، وقدَّرها الروس بأربعة ملايين ونصف مليون روبل).
وهناك بنودٌ أخرى كثيرةٌ تتعلَّق بأمور تبادل الأسرى، وتعيين السفراء، واللاجئين إلى الدولتين، وبناء القلاع، وزيارة الأماكن النصرانية في القدس، والعلاقات التجاريَّة، وبناء الكنائس، وغير ذلك من أمور.
هذه هي أسوأ معاهدةٍ في التاريخ العثماني حتى هذه اللحظة، ويمكن أن نرصد بعض الملاحظات عليها بالقول أن أكبر الخسائر التي أصابت الدولة العثمانية في هذه المعاهدة -في رأيي- هي «سقوط الهيبة»، فهذه هي المرَّة الأولى التي تستطيع دولةٌ أوروبية أن تنتصر عليها بمفردها دون تحالف، وهذه هي المرَّة الأولى التي تدفع فيها الدولة غراماتٍ حربيَّة، وهذه هي المرَّة الأولى التي تسمح فيها الدولة لدولةٍ أجنبيَّةٍ أن ترعى شئون طائفةٍ من طوائف الشعب (الأرثوذكس)، كما أن هذه هي المرَّة الأولى التي تعترف فيها الدولة العثمانية بخروج تبعيَّةِ إقليمٍ جلُّ سكانه من المسلمين (القرم)، فهذا السقوط للهيبة هو أعظم بكثيرٍ من سقوط القلاع والحصون، وفقد الأراضي والأموال؛ لأنه يفتح الطريق أمام كلِّ الطامعين -وما أكثرهم- ليأخذوا شيئًا من الكيان الكبير. علَّق وزير خارجيَّة النمسا آنذاك وينزيل أنتونWenzel Anton ، الشهير بكونيتز Kaunitz، على هذه المعاهدة بقوله: «لقد لقى الأتراك المصير الذي يستحقونه، ويمكن الآن لجيشٍ صغيرٍ جيِّدٍ أن يطردهم بالكلِّيَّة من أوروبا كلِّها»!
وأعتبر أن السقوط الفعلي«للإمبراطورية» العثمانية كان في عام 1768م، وهو العام الذي بدأ فيه الصدام العسكري مع الروس. هذه هي البداية الموثَّقة التي شهدت«تفكيك» الإمبراطوريَّة.
إنها تراكمات سنين، ونهاياتٌ حتميَّةٌ لكلِّ الإمبراطوريَّات. قال تعالى: ﴿وَمَنْ نُعَمِّرْهُ نُنَكِّسْهُ فِي الْخَلْقِ أَفَلَا يَعْقِلُونَ﴾ [يس: 68]. الآن -بعد هذه المعاهدة- سيطرح الأوروبيون سؤالهم الشهير: ماذا سيحدث لموازين القوى في أوروبا والعالم عند انهيار هذا الكيان العثماني الكبير؟ هذا السؤال هو ما عُرِفَ «بالمسألة الشرقية» Eastern Question، وهو السؤال الذي صار حديث العالم في القرن التاسع عشر كلِّه
#historyino1
فضلاً وليس أمرا اذا أتممت القراءة علق بالصلاة على الرسول في ثلاث تعليقات لتصلك باقي المنشورات لمن يريد مساعدتنا في صفحه يشارك هذه المنشور في المجموعات وشكرا لكم
المراجع:
أوزتونا، يلماز: تاريخ الدولة العثمانية
فريد، محمد: تاريخ الدولة العلية العثمانية
Weller, Grant T.: Kozludzha (Kuludzha)
Davison, Roderic H.: Essays in Ottoman and Turkish History
جودت، أحمد: تاريخ جودت
شوجر، بيتر: أوروبا العثمانية
شوجر، بيتر: أوروبا العثمانية
دكتور راغب السرجاني: قصة الدولة العثمانية من النشأة إلى السقوط