خطبة بعنوان الأشهر الحرم رسالة للانسانية. خطبة الجمعة مكتوبة جاهزه مع الدعاء في اخر الخطبة
خطبة بعنوان الأشهر الحرم رسالة للانسانية. خطبة الجمعة مكتوبة جاهزه مع الدعاء في اخر الخطبة
كتبها الشيخ "محمد الخراشي"
امام بأوقاف الاسكندرية .
عناصر الخطبة
1/ ما الاشهر الحرم ؟
2/مكانة الأشهر الحرم .
3/ ما الاعمال الواجبة في الاشهر الحرم ؟
الخطبة الاولي .
إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله،.
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ) [آل عمران: 102]، (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً) [النساء:1]، (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً) [الأحزاب: 70-71].
أما بعد:
أيها المسلمون
الليالي في سيرهن مسرعات، والأيام في انقضائهن ذاهبات، والأعمار في سيرهن منتهيات، وإلى الله المصير. فجدوا -رحمكم الله-، فأمامنا يوم ثقيل تذهل فيه المرضعة عما أرضعت، وتضع كل ذات حمل حملها، وترى الناس سكارى وما هم بسكارى، ولكن عذاب الله شديد.
لمثل هذا فليعمل العاملون، وتزودوا فإن خير الزاد التقوى.
اختص الله هذه الأمة وفضلها على سائر الأمم، وجعلها من خير أمة أخرجت للناس تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر وتؤمن بالله، واختصها وشرفها بأفضل الأنبياء والمرسلين، محمد بن عبد الله – عليه أفضل الصلاة وأزكى التسليم-: {وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاء وَيَخْتَارُ مَا كَانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ سُبْحَانَ اللَّهِ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ} القصص(68).
وقال تعالى: {وَإِذَا جَاءتْهُمْ آيَةٌ قَالُواْ لَن نُّؤْمِنَ حَتَّى نُؤْتَى مِثْلَ مَا أُوتِيَ رُسُلُ اللّهِ اللّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ} الأنعام(124).
وكذلك اختص هذه الأمة ببعض الأمكنة المقدسة، ففضل مكة على المدينة، والمدينة على القدس، والقدس على غيره من الأمكنة، بل وجعل أجر وثواب العبادة في مسجد مكة – البيت الحرام- أعظم أجراً من الصلاة في المسجد النبوي، والمسجد النبوي أعظم أجراً من المسجد الأقصى.
يقول الله تعالى في محكم آياته :
(إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَافَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ) (36) التوبة
إخوة الإسلام
إن الله اصطفى من خلقه صفايا: فاصطفى من الملائكة رسلا، ومن الناس رسلا، واصطفى من الكلام ذكره، واصطفى من الأرض المساجد، واصطفى من الشهور رمضان والأشهر الحرم، واصطفى من الأيام يوم الجمعة، واصطفى من الليـــــالي ليلة القدر،ألا فعظموا ما عظم الله، فإنما تعظيم الأمور بما عظمها الله به.
ما هي الأشهر الحرم؟
أما الأشهر الحُرم التي ذُكِرت في بداية السورة نفسها: {فَسِيحُوا فِي الْأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي اللَّهِ وَأَنَّ اللَّهَ مُخْزِي الْكَافِرِينَ}[براءة:2]؛
فهي الأشهر التي أمْهَل اللهُ تعالى فيها المشركين، ومنع المؤمنين من قتالَهم، وتلك فرصة لهم ليتوبوا من شركهم وينتهوا من حربهم، فإذا انتهت هذه الأشهر، فقد حلَّ قتالُهم، كما قال تعالى: {فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [براءة:5]، وهي أربعة أشهر مرة واحدة متتابعة، وليس لها علاقة بذات الأشهر المعينة، وإنما ابتدأت بيوم إبلاغهم بها في الحج إلى تمام هذه المدة، بدليل أنها لم تبدأ من بداية ذي القعدة، فقد بدأت من يوم النحر عشر ذي الحجة؛ حيث أذَّن فيهم أبو بكر رضي الله عنه، ففيها: عشرين يومًا من ذي الحجة، والمحرم، وصفر، وشهر ربيع الأول، وعشرة أيام من ربيع الآخر، وهي ليست كلها من الحُرم، وقرأها عليهم في منازلهم، وقال: لا يَحُجَّنَّ بَعد عامنا هذا مشركٌ، ولا يطوفَنَّ بالبيت عُريان. فالأشهر الحُرُم الواردة في هذه الآية، والمقصودة بالكلام هي الأشهر ذات الحرمة الأبدية، .
وفي الصحيحين ، من حديث أبي بكرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (السنة اثنا عشر شهراً، منها أربعة حرم، ثلاث متواليات: ذو القعدة وذو الحجة والمحرم، ورجب مضر الذي بين جمادى وشعبان) متفق عليه
وهي التي قال عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع: «إن الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق الله السموات والأرض، السنة اثنا عشر شهرًا، منها أربعة حرم، ثلاث متواليات: ذو القعدة، وذو الحجة، والمحرم، ورجب مضر الذي بين جمادى وشعبان» (البخاري في صحيحه، رقم:[ 3197])،
فهي ثلاثة سرد وواحد فرد. وقد ضل التلاعب بها ونقلها حتى عادت في ذلك اليوم إلى موضعها الأول؛ حسن تدبير من الله لرسوله، وإتمامًا للنعمة. وهذه الأشهر ورِثَت العرب حُرمتَها وتعظيمَها، فكانت تُعَظِّمها، فتُحَرِّم فيها القتال، وهو مما ورثته من دين إبراهيم عليه الصلاة والسلام. غير أن العرب كانت تقوم معيشتهم على الحروب والثارات والغارات، فكانت تضطر إلى الحرب، فكانت تحتال على هذه الأشهر الحُرُم، فتؤخِّر تحريم الشهر هذا إلى آخر: {إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيَادَةٌ فِي الْكُفْرِ يُضَلُّ بِهِ الَّذِينَ كَفَرُوا يُحِلُّونَهُ عَامًا وَيُحَرِّمُونَهُ عَامًا لِيُوَاطِئُوا عِدَّةَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ فَيُحِلُّوا مَا حَرَّمَ اللَّهُ زُيِّنَ لَهُمْ سُوءُ أَعْمَالِهِمْ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ} [براءة:37]، وربما حرَّمت شهرًا حلالا وأحلت شهرًا محرمًا، وقد تجد نفسها جعلت السنة ثلاثة عشر شهرًا، خلافًا لما خلق الله تعالى عليه السَّنَة، .
ولذلك جاء في الآية: {إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ}، فهي منذ خلق الله تعالى السماوات والأرض جعلها اثني عشر شهرًا لا ثلاثة عشر شهرًا، ثم بين أن: {مِنْها أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ}، وهي التي ذكرناها، وما زال خَلَفُهم من المشركين إلى يوم الناس هذا يؤمنون بحرمات فيقدسونها، ثم ينتهكوا حرمتها، ويحلونها عامًا أو طوْرًا، ويحرِّمونها عامًا، كما يفعلون بأشياء كثيرة؛ حسب أهواءهم. ففيم تتمثل حرمة هذه الأشهر الأربعة؟! إن الله تعالى جعل لهذه الأشهر حرمة لحِكَمٍ جمَّة، وجعل لتحريمها صُوَرًا عديدة: ففي الآية الكريمة، بعد أن بيَّن الله تعالى أن عِدة الشهور عنده في كِتابِ اللَّهِ يعني اللوح المحفوظ وقيل في قضائه
والأشهر الحرم بينها رسول الله صلى الله عليه وسلم في خطبة حجة الوداع ، ففي الصحيحين (أَنَّهُ قَالَ
« إِنَّ الزَّمَانَ قَدِ اسْتَدَارَ كَهَيْئَتِهِ يَوْمَ خَلَقَ اللَّهُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ السَّنَةُ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ثَلاَثَةٌ مُتَوَالِيَاتٌ ذُو الْقَعْدَةِ وَذُو الْحِجَّةِ وَالْمُحَرَّمُ وَرَجَبٌ شَهْرُ مُضَرَ الَّذِى بَيْنَ جُمَادَى وَشَعْبَانَ …)
هذا وقد سميت هذه الأشهر بالأشهر الحرم لأمرين :
الأول: لأن الله تعالى حرم فيها القتال بين الناس ، يقول الله جل وعلا:
{يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ} (البقرة:217)، فدل ذلك على أنه محرم فيها القتال، وذلك من رحمة الله تعالى بعباده حتى يسافروا فيها ويحجوا ويعتمروا.
والثاني: لتعظيم انتهاك المحارم فيها بأشد من تعظيمه في غيرها، وتعظيم الطاعات فيها أيضا
وقد ذكر ابن كثير في تفسيره : «وإنما كانت الأشهر المحرمة أربعة، ثلاثة سرد وواحد فرد؛ لأجل أداء مناسك الحج والعمرة في أمن وأمان، فحرم قبل شهر الحج شهر، وهو ذو القعدة؛ لأنهم يقعدون فيه عن القتال، فيذهبون إلى الأراضي المقدسة لأداء فريضة الحج وهم آمنون، وحرم شهر ذي الحجة لأنهم يوقعون فيه الحج ويشتغلون فيه بأداء المناسك وهم آمنون، وحرم بعده شهر آخر، وهو المحرم؛ ليرجعوا فيه إلى نائي أقصى بلادهم آمنين، وحرم رجب في وسط الحول، لأجل زيارة البيت والاعتمار به، لمن يقدم إليه من أقصى جزيرة العرب، فيزوره ثم يعود إلى وطنه فيه آمنا»
ومن المعلوم أن هذه الأشهر ورثت العرب «حرمتها وتعظيمها، فكانت تعظمها فتحرم فيها القتال، وهو مما ورثته من دين إبراهيم عليه الصلاة والسلام، غير أن العرب كانت تقوم معيشتهم على الحروب والثارات والغارات، فكانت تضطر إلى الحرب، فكانت تحتال على هذه الأشهر الحرم، فتؤخر تحريم هذا الشهر إلى آخر، وهو النسيء الوارد
في قوله تعالى: {إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيَادَةٌ فِي الْكُفْرِ يُضَلُّ بِهِ الَّذِينَ كَفَرُواْ يُحِلِّونَهُ عَامًا وَيُحَرِّمُونَهُ عَامًا لِّيُوَاطِؤُواْ عِدَّةَ مَا حَرَّمَ اللّهُ فَيُحِلُّواْ مَا حَرَّمَ اللّهُ زُيِّنَ لَهُمْ سُوءُ أَعْمَالِهِمْ وَاللّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ} (التوبة:37)،
وربما حرمت العرب شهرا حلالا وأحلت شهرا محرما، وقد تجد نفسها جعلت السنة ثلاثة عشر شهرا، خلافا لما خلق الله تعالى عليه السنة، ولذلك جاء في الآية:
{إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِندَ اللّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَات وَالأَرْضَ} (التوبة:36)،
أيها المسلمون
ومن حرمة هذه الأشهر أن الأعمال فيها «مضاعفة الجزاء، إن خيرا فخير، وإن شرا فشر، لذلك أكد النهي عن الظلم فيها؛ فقال: {فَلاَ تَظْلِمُواْ فِيهِنَّ أَنفُسَكُمْ} (التوبة:36)،
والظلم هنا يشمل المعاصي كلها؛ كبيرها وصغيرها، بترك الواجبات وفعل المحرمات، مما يتعلق بحقوق الخالق والمخلوق، ويقول القرطبي: «لا تظلموا فيهن أنفسكم بارتكاب الذنوب، لأن الله سبحانه إذا عظم شيئا من جهة واحدة صارت له حرمة واحدة، وإذا عظمه من جهتين أو جهات صارت حرمته متعددة فيضاعف فيه العقاب بالعمل السيئ كما يضاعف الثواب بالعمل الصالح،
فإن من أطاع الله في الشهر الحرام في البلد الحرام ليس ثوابه ثواب من أطاعه في الشهر الحلال في البلد الحرام، ومن أطاعه في الشهر الحلال في البلد الحرام ليس ثوابه ثواب من أطاعه في شهر حلال في بلد حلال»
وقال ابن عباس رضي الله عنهما: «تحفظوا على أنفسكم فيها واجتنبوا الخطايا، فإن الحسنات فيها تضاعف والسيئات فيها تضاعف»
وقال قتادة: «إن العمل الصالح والأجر أعظم في الأشهر الحرم، والذنب والظلم فيهن أعظم من الظلم فيما سواهن، وإن كان الظلم على كل حال عظيما، ولكن الله يعظم من أمره ما يشاء،
وتتجلى الحكمة في مضاعفة الأجر والثواب في الأشهر الحرم في «رحمة الله تعالى بالمؤمنين، وحسن تربيته لعباده، والأخذ بأيديهم برحمة وحكمة، فلو أنه سبحانه ضاعف الوزر كامل السنة لربما هلك الصالحون بمضاعفة ما قد يأتون من معصيتهم وظلمهم لأنفسهم؛ إذ أنهم ليسوا بمعصومين، فكان أن جعل الله تعالى الحرمة والمضاعفة خاصة بأربعة أشهر فقط، ليستطيع المسلم شد إزاره والاجتهاد فيها أكثر ما يستطيع، ثم ليكون ذلك دربة له في باقي الأشهر المخففة، وهكذا إذا اتَّقى الله تعالى وجاهد نفسه؛ وجد نفسه في سائر الشهور متقيا محترسا متيقظا، قد صار له ذلك عادة وسجية»
فهذه الأشهر مما عظمها الله سبحانه في كتابه , فيجب علينا أن نُعظم ما عظم الله , فإن تعظيمنا يُعد عبادة قلبية من أجلّ العبادات, فحين تدخل هذه الأشهر نستشعر تحريمها وتعظيم الله لها .
اقول قولي هذا واستغفر الله .
الخطبة الثانية اسفل الصفحة الرئيسية ⬇️