0 تصويتات
في تصنيف إسلامية بواسطة (3.7مليون نقاط)

خطبة جمعة مفيدة جداً ومؤثرة بعنوان التجارة مع الله

خطبة جمعة مفيدة جداً ومؤثرة بعنوان التجارة مع الله:‏

الْحَمْدُ للهِ الذِي وَسِعَتْ رَحْمَتُهُ ذُنُوبَ الْمُسْرِفِين ، وَأَعْجَزَتْ نِعَمُهُ إِحْصَاءَ العَادِّين ، عَظُمَ حِلْمُهُ فَسَتَر ، وَبَسَطَ يَدَهُ بِالْعَطَاءِ فَأَكْثَر ، أَطَاعَهُ الطَّائِعُونَ فَشَكَر ، وَتَابَ إِلَيْهِ الْمُذْنِبُونَ فَغَفَر ، لا تُحْجَبُ عَنْهُ دَعْوَة ، وَلا تَخِيبُ لَدَيْهِ طِلْبَة ، وَلا يَضِلُّ عِنْدَه سَعْي !

وَأَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ ، وَأَشْهَدُ أَنَّ نَبِيَّنَا مُحَمَّدَاً عَبْدُ اللهِ وَرَسُولُهُ ، صَلَّـى اللهُ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ الطَّيِّبِينَ الطَّاهِرِينَ ، وَعَلَى أَصْحَابِهِ الْغُرِّ الْمَيَامِين ، وَالتَّابِعِينَ لَهُمْ بِإِحْسَانٍ ، وَسَلَّمَ تَسْلِيمَاً كَثِيرَاً .

أَمَّا بَعْدُ:عباد الله: خير الوصية تقوى الله..يا أيها الذين...

خطبة اليوم ..... التجارة مع الله

يقول الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ * تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ * يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَيُدْخِلْكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ * وَأُخْرَى تُحِبُّونَهَا نَصْرٌ مِنَ اللَّهِ وَفَتْحٌ قَرِيبٌ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ)

تجارة من التجارات، وضربًا من ضروب الأسهم والمرابحات , فُرَصٌ للمستثمرين ومجالٌ من مجالات المتسابقين والرابحين في سوقٍ هو أكبر وأعلى وأعظم شأنًا وقدراً من جميع أسواق الدنيا . نعم – عباد الله - إنها تجارة بحقٍ نِعمَ التجارة، إنه عَرضٌ رباني، إنها التجارة

مع الله وحسب (إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلانِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَنْ تَبُورَ * لِيُوَفِّيَهُمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّهُ غَفُورٌ شَكُورٌ ) تجارةٌ أهلها هم الرابحون حقًا، لقد نزلت هذه التجارة على أسواق المؤمنين فطاشت بها جميع السِّلع وبارت، وتعلّق بها الصالحون من أمّة محمد  وتسابقوا وتسارعوا، فربحوا ربحًا عظيمًا، (مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلاً)

وما لهم أن لاَّ يربحوا وقد باعوا نفوسهم رخيصة، والمشتري منهم هو الله جلَّ جلاله، (إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنْجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُمْ بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ)

فما أعظمها مِن تجارة! وما أعظمه من فوز نُرَبِّي أنفسنا وأهلينا عليه! كما كان النبي  يربي أصحابه عليها، حيث كان يعلقهم بالآخرة وما فيها، ويُزَهِّدهم في الدنيا وحُطامها، فمما كان يقوله في هذا الأمر: (مَنْ يَشْتَرِي بِئْرَ رُومَةَ وله الجنة؟) ويقول: (من يجهِّزُ جيش العسرة وله الجنة؟) ويقول في أحد: (مَن يردُّهم عنَّا وله الجنّة؟) وهو القائل: (كَمْ مِنْ عِذْقِ رَدَاحٍ لأَبِي الدَّحْدَاحِ في الجنة) وقال: (رَبِحَ الْبَيْعُ أَبَا يَحْيَى) وغير ذلك كثير، مبينًا لهم أنَّ ما عند الله خير وأبقى يقينًا بقول الله تعالى: (قُلْ مَا عِندَ اللَّهِ خَيْرٌ مِّنَ اللَّهْوِ وَمِنَ التِّجَارَةِ وَاللَّهُ خَيْرُ الرَّازِقِينَ) فكانوا نِعمَ المستجيبين والسبّاقين للتجارة مع الله جلَّ وعلا ، وكانوا منيبين مستغفرين رُكّعًا سُجّدًا لله، (فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالآصَالِ * رِجَالٌ لا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالأَبْصَارُ * لِيَجْزِيَهُمُ اللَّهُ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ)

كما جاء عند البخاري من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أنَّ النبي  قال: (تَعِسَ عَبْدُ الدِّينَارِ وَعَبْدُ الدِّرْهَمِ وَعَبْدُ الْخَمِيصَةِ ، إِنْ أُعْطِىَ رَضِىَ ، وَإِنْ لَمْ يُعْطَ سَخِطَ ، تَعِسَ وَانْتَكَسَ ، وَإِذَا شِيكَ فَلاَ انْتَقَشَ ، طُوبَى لِعَبْدٍ آخِذٍ بِعِنَانِ فَرَسِهِ فِى سَبِيلِ اللَّهِ ، أَشْعَثَ رَأْسُهُ مُغْبَرَّةٍ قَدَمَاهُ ، إِنْ كَانَ فِى الْحِرَاسَةِ كَانَ فِى الْحِرَاسَةِ ، وَإِنْ كَانَ فِى السَّاقَةِ كَانَ فِى السَّاقَةِ، إِنِ اسْتَأْذَنَ لَمْ يُؤْذَنْ لَهُ ، وَإِنْ شَفَعَ لَمْ يُشَفَّعْ )

تلك هي التجارة مع الله أيها الإخوة المؤمنون ، وأمَّا شأن التجارة الدنيوية فإنه بلا شك ولا مِرَاء أنَّ المال هو قِوام الحياة، والحث على تحصيله وحُسن تدبيره مِن أولويات تعاليم الإسلام، على أن المال فتنة ، وقليلٌ مَن ينجو من فتنته ، جاء عَنْ كَعْبِ بن عِيَاضٍ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ، يَقُولُ:"إِنَّ لِكُلِّ أُمَّةٍ فِتْنَةٌ، وَإِنَّ فِتْنَةَ أُمَّتِي الْمَالُ".) رواه الترمذي، نعم - عباد الله - ما سكن المال في قلب إنسان إلا تعلَّقَ بحطام الدنيا وركن إليها، وآثر الفاني على الباقي، ولذلك كان نبينا  يُحَذِرُ أصحابه أشدَّ تحذير مِن الدنيا حتى زهِدوا فيها بعد أن علموا عِلمَ يقين أنّها فانية وليست بدار قرار، وما كان منهم إلا أن تَزَوَّدوا منها كزاد الراكب، وما بقي عَمَروا به الآخرة؛ لأنهم أمعنوا النظر وتفكَّروا في أمر الآخرة، فارتحلوا إليها بقلوبهم قبل أن ترحل إليها أبدانهم.

إنَّ للـه عبـادًا فُطَـنـا طلّقوا الدنيا وخافوا الفِتنا

نظروا إليها فلمَّـا علموا أنّهـا ليست لحيٍّ وطنـا

جعلوهـا لجة واتخـذوا صـالِح الأعمال سُفُنـا

وبمثل هذا أوصى النبي  عبد الله بن عمر رضي الله عنهما حين قال له: ((كُن في الدنيا كأنّك غريبٌ أو عابرُ سَبيل)) أخرجه البخاري.

وعَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ قَالَ: صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ  عَلَى قَتْلَى أُحُدٍ بَعْدَ ثَمَانِي سِنِينَ كَالْمُوَدِّعِ لِلْأَحْيَاءِ وَالْأَمْوَاتِ ثُمَّ طَلَعَ الْمِنْبَرَ فَقَالَ إِنِّي بَيْنَ أَيْدِيكُمْ فَرَطٌ وَأَنَا عَلَيْكُمْ شَهِيدٌ وَإِنَّ مَوْعِدَكُمْ الْحَوْضُ وَإِنِّي لَأَنْظُرُ إِلَيْهِ مِنْ مَقَامِي هَذَا وَإِنِّي لَسْتُ أَخْشَى عَلَيْكُمْ أَنْ تُشْرِكُوا وَلَكِنِّي أَخْشَى عَلَيْكُمْ الدُّنْيَا أَنْ تَنَافَسُوهَا قَالَ فَكَانَتْ آخِرَ نَظْرَةٍ نَظَرْتُهَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ))

أقول قولي هذا واستغفر الله العظيم الجليل من كل ذنب فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.

الخطبة الثانية

الحمد لله الذي جعل الدنيا مزرعةَ الآخرة وميداناً يتسابق فيه الموفقون إلى الأعمال الصالحة، أحمدُه وأشكره على جزيل منّه وكرمه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم وعلى آله وأصحابه والتابعين له بإحسان إلى يوم الدين.أما بعد :عباد الله / جاء عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: جَلَسَ رسول الله على المنبر، وجلسنا حوله، فقال: (إِنَّ مِمَّا أَخَافُ عَلَيْكُمْ بَعْدِي مَا يُفْتَحُ عَلَيْكُمْ مِنْ زَهْرَةِ الدُّنْيَا وَزِينَتِهَا) متفق عليه، وعنه أنَّ النبي  قال: (نَّ الدُّنْيَا حُلْوَةٌ خَضِرَةٌ وَإِنَّ اللَّهَ مُسْتَخْلِفُكُمْ فِيهَا فَيَنْظُرُ كَيْفَ تَعْمَلُونَ....إلى آخرالحديث الذي رواه مسلم.

وها هو  يُخبرُ عن حقيقة الدنيا وخطورتها، وأنَّها ليست إلا خطرًا يُهَدِّد العبد المؤمن في حياته، ثم يخبرنا أيضًا عن عظيم شأن الكفاف والزهد في الدنيا بقوله: (مَنْ أَصْبَحَ مِنْكُمْ آمِنًا فِي سِرْبِهِ مُعَافًى فِي جَسَدِهِ عِنْدَهُ قُوتُ يَوْمِهِ فَكَأَنَّمَا حِيزَتْ لَهُ الدُّنْيَا بِحَذَافِيرِهَا) رواه الترمذي ،

بل كانت نظرته للدنيا ـ أعجب من ذلك كلِّه، فكما جاء عن ابن عباس: إنَّ نبيكم  قال: (مَا لِيَ وَلِلدُّنْيَا , وَمَا لِلدُّنْيَا وَمَالِي , وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ مَا مَثَلِي وَمَثَلُ الدُّنْيَا إِلا كَرَاكِبٍ سَارَ فِي يَوْمٍ صَائِفٍ , فَاسْتَظَلَّ تَحْتَ شَجَرَةٍ سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ , ثُمَّ رَاحَ وَتَرَكَهَا ) أخرجه أحمد والترمذي

هكذا كانت نظرة نبينا إلى حقيقة الدنيا، وهكذا يجب أن ننظر إليها نحن ، وكما قال الأول :

مـا شِقوةُ المرءِ فِي فقرٍ يعيـشُ به...... ولا سعـادتـُهُ يومًـا بإكثـارِ..... إنَّ الشقـيَّ الذي في النـار منزلُهُ ....

والفوزُ فوزُ الذي يَنْجو مِنَ النارِ

هذا وصلوا وسلموا على من أمركم الله بالصلاة والسلام عليه .... إن الله وملائكته يصلون على النبىء .بأيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما .اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد

وارض اللهم عن الخلفاء الراشدين والأئمة المهدين الذين قضوا بالحق وبه كانوا يعدلون .أبى بكر وعمر وعثمان وعلي وعن الصحابة أجمعين .ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين .وعنا معهم برحمتك ياأرحم الراحمين .

1 إجابة واحدة

0 تصويتات
بواسطة (3.7مليون نقاط)
 
أفضل إجابة
خطبة جمعة مفيدة جداً ومؤثرة بعنوان التجارة مع الله

اسئلة متعلقة

مرحبًا بك إلى موقع مدينة العلم، حيث يمكنك طرح الأسئلة وانتظار الإجابة عليها من المستخدمين الآخرين.
...