0 تصويتات
في تصنيف إسلامية بواسطة (3.6مليون نقاط)

الخطبة الأولى ( لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ 2022 ،خطبة جمعة مؤثرة ومكتوبة

الخطبة الأولى ( لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ 2022 ،خطبة جمعة مؤثرة ومكتوبة

الخطبة الثانية اسفل الصفحة الرئيسية 

 الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين 

                                  أما بعد أيها المسلمون    

يقول الله تعالى في محكم آياته :(لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا فَسُبْحَانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ (22) لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ) (22) ،(23)الأنبياء

إخوة الإسلام

 موعدنا اليوم -إن شاء الله- مع آية من كتاب الله ، نتدبرها ، ونسبح في بحار معانيها ، ونرتشف من رحيقها المختوم ، مع قوله تعالى : (لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ) (23)الأنبياء ،قال الطبري في تفسيرها : لا سائل يسأل رب العرش عن الذي يفعل بخلقه ، من تصريفهم فيما شاء ، من حياة وموت وإعزاز وإذلال، وغير ذلك من حكمه فيهم؛ لأنهم خلقه وعبيده، وجميعهم في ملكه وسلطانه، والحكم حكمه، والقضاء قضاؤه، فلا شيء فوقه يسأله عما يفعل ، فيقول له: لم فعلت؟ ولمَ لم تفعل؟ (وَهُمْ يُسْأَلُونَ) فجميع من في السماوات والأرض من عباده مسئولون عن أفعالهم، ومحاسبون على أعمالهم، وهو الذي يسألهم عن ذلك ،ويحاسبهم عليه، لأنه فوقهم، ومالكهم، وهم في سلطانه. فَقَوْله ” لَا يُسْأَل عَمَّا يَفْعَل وَهُمْ يُسْأَلُونَ ” أَيْ هُوَ الْحَاكِم الَّذِي لَا مُعَقِّب لِحُكْمِهِ وَلَا يَعْتَرِض عَلَيْهِ أَحَد لِعَظَمَتِهِ وَجَلَاله وَكِبْرِيَائِهِ وَعِلْمه وَحِكْمَته وَعَدْله وَلُطْفه ، ويقول الامام الطحاوي رحمه الله في القدر : ( الله خلق الخلق بعلمه ، وقدر لهم أقداراً، وضرب لهم آجالاً ، ولم يخف عليه شيء قبل أن يخلقهم ، وعلم ما هم عاملون قبل أن يخلقهم ، وأمرهم بطاعته ، ونهاهم عن معصيته . وكل شيء يجري بتقديره ومشيئته ، ومشيئته تنفذ ، لا مشيئة للعباد ، إلا ما شاء الله لهم ، فما شاء الله كان ، وما لم يشأ لم يكن . يهدي من يشاء ، ويعصم ويعافي فضلاً ، ويضل من يشاء ، ويخذل ويبتلي عدلاً . وكلهم متقبلون في مشيئته بين فضله وعدله . وهو متعال عن الأضداد والأنداد ، لا راد لقضائه ، ولا معقب لحكمه ، ولا غالب لأمره . ونحن آمنا بذلك كله ، وأيقنا أن كلاً من عنده)، فمن سأل : لِمَ فعل ؟ فقد رد حكم الكتاب ، ومن رد حكم الكتاب كان من الكافرين . فقول الله تعالى : (لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ) (23)الأنبياء ،فهذه الآية تؤكد أن الخالق تعالى لا يُسأل عما يفعل، ولكن الخلق يُسألون عما يعملون! ، وإن كان الله تعالى الله (لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ) – فهو سبحانه وتعالى – منزه عن الظلم، ومتصف بالعدل؛ فلا يظلم أحداً مثقال ذرة، وكل أفعاله عدل ورحمة. قال الله تعالى: (وَمَا أَنَا بِظَلاَّمٍ لِّلْعَبِيدِ) [ق:29]. وأهل السنة والجماعة: يعتقدون أن القدر سر الله في خلقه، لم يطلع عليه ملك مقرب ولا نبي مرسل، والتعمق والنظر في ذلك ضلالة؛ لأن الله تعالى طوى علم القدر عن أنامه، ونهاهم عن مرامه، وهم يسلمون تسليماً مطلقاً لقول الله تبارك وتعالى: (قُلْ كُلًّ مِّنْ عِندِ اللّهِ فَمَا لِهَـؤُلاء الْقَوْمِ لاَ يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ حَدِيثًا) [النساء:78].

أيها المسلمون

يقول العلماء : (إن أي سؤال يمكن للإنسان أن يطرحه ، لابد أن يكون له جواب بالمقارنة مع شيء آخر.. فعملية الإجابة عن أي سؤال ومهما كان نوعه، تعتمد على المقارنة.. وأي سؤال لا يعتمد على المقارنة يكون سؤالاً مستحيلاً ، أي غير منطقي.. ولكن كيف يكون ذلك؟ ، فعندما تسأل أحداً لماذا فعل كذا، فهذا يعني أن هناك إنساناً آخر لم يفعل ذلك! فإذا سألت شخصاً لماذا اشتريت هذه السيارة.. فهذا يعني أن هناك أشخاصاً لم يشتروا أي سيارة.. فتحدث عملية مقارنة مع هؤلاء ، وبالتالي تكون الإجابة ممكنة وسهلة. وهكذا كل الأسئلة المحتملة. ولتتأكد من صدق هذه الحقيقة أرجو أن تسأل نفسك أي سؤال.. وسوف تجد أن إجابة هذا السؤال تعتمد على المقارنة بشيء آخر. فلماذا لم تدرس.. هذا يعني أن هناك شخصاً آخر درس.. ولماذا لم تذهب.. هذا يعني أن هناك شخصاً آخر ذهب.. لماذا لا تحب هذا النوع من الطعام.. هذا يعني أن هناك أناساً يحبون نفس النوع من الطعام.. إن أي سؤال مطروح حتى يكون منطقياً ،يجب أن يخضع للمقارنة.. وإذا لم يكن هناك مقارنة ،يكون السؤال غير منطقي.. مثلاً لماذا هذا الميت لا يأكل؟؟ السؤال خطأ منطقياً، لأنه لا يوجد ميت يأكل!! ، لماذا الله تعالى خلق الشرّ؟ السؤال غير منطقي، والسبب أنه لا يوجد إله آخر خلق الخير حتى نقول لماذا خلق الله الشرّ؟ إذاً السؤال لا يجوز في حق الخالق ،لأنه واحد لا مثيل له ، ولا يمكن المقارنة معه سبحانه وتعالى ،وليس هناك آلهة متعددة حتى نقارن بينها وبين الله تعالى. أما في حق المخلوق فيجوز السؤال ،لأن لدينا مليارات البشر ،ويمكن أن نقوم بعمليات مقارنة للجواب عن كل الأسئلة، أي أن المخلوقات تُسأل عما تفعل.. وهذا أمر منطقي تماماً. فلو وضعنا شخصاً في غرفة منعزلة عن كل شيء وحيداً لمدة يوم ،بحيث لا يمكنه التواصل مع أي شخص آخر.. وقمنا بطرح هذا السؤال: لماذا هذا الشخص لا يتكلم مع أحد؟ ،هذا سؤال غير منطقي لأنه لا يوجد هذا الأحد ليتكلم معه.. أي حتى يكون السؤال منطقياً يجب أن يخضع للمقارنة مع شيء آخر.. فالحوار لا يمكن أن يكون لشخص واحد ، لابد من وجود اثنين فأكثر.. ويتجلى لك هذا المعنى في قوله تعالى في جوابه للملائكة يوم سألته عن سبب خلقه لآدم، ذاك المخلوق الضعيف الذي توقعوا من حاله أنه سيفسد في الأرض ويسفك الدماء قال تعالى : (وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ) (قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ) (30) البقرة ،ثم قال بعدما برهن لهم سبحانه على ما تقرر لديهم العلم به مسبقا من أنه يعلم ما لا يعلمون، بأن أظهر لهم ما علمه سبحانه لآدم مما لم تعلمه تلك الملائكة ، قال تعالى : (وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلَائِكَةِ فَقَالَ أَنْبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَؤُلَاءِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ) (31) البقرة ، وقال الله تعالى : (قَالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَأَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ) (33) البقرة ، فما كان جوابهم إلا أن قالوا : (قَالُوا سُبْحَانَكَ لَا عِلْمَ لَنَا إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ) البقرة (32) ،فتأمل كيف أن الله تعالى ما زاد في أصل الأمر على أن قال لهم : (إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً)، فلما سألوه بين لهم أنه علمه الأسماء كلها وأعده لذلك الاستخلاف إعدادا، وأنه يعلم أنه سيقع منه الإفساد كما سيقع منه الإصلاح، ويعلم من أمره ما لا يعلمون. فهل زادوا بأن سألوه (مثلا): ولماذا تخلقه أصلا يا رب؟ ألسنا نعبدك ليل نهار لا نفتر عن عبادتك؟ ألا تكفيك عبادتنا الدائمة التي لا تنقطع، وقد ملأت بنا السماوات كلها؟ لا والله لم يسألوه سؤالا كهذا وما كان لهم أن يفعلوا! هذا سؤال من يدخل فيما لا شأن له به ،ولا يجوز له ذلك، وهو واقع – لا محالة – من مجرد السؤال نفسه في تشبيه الأفعال وقياس الخالق على خلقه! ، إذاً فهناك خالق واحد لا مثيل ولا شريك له، وهو مطلق القدرة والعلم والحكمة. وهناك مخلوقات متعددة محدودة القدرة ومحدودة الذكاء ومحدودة القوة.. فلا يمكن أن نقارن الخالق بالمخلوق ،ولا يمكن أن نطرح الأسئلة التي هي منطقية بحق المخلوقات، أن نطرحها بحق الخالق.. هذا خطأ منطقي ولذلك فهو لا يُسأل أبداً.. (لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ) (23) الأنبياء

أيها المسلمون

وأكثر الخلق -إلا من شاء ربك-، يظنُّون بالله غير الْحَقِّ ظنَّ السوء؛ فغالب بني آدم يعتقد أنه مبخوس الحق، ناقص الحظ، وأنه يستحقُّ فوق ما أعطاه الله، ولسان حاله يقول: ظلمني ربي، ومنعني ما أستحقُّه، ونفسه تشهد عليه بذلك، وهو بلسانه ينكرُه، ولا يتجاسر على التصريحِ به، يقول أحدهم : لماذا خلق الله أناسًا أغنياء وآخرين فقراء، أناسًا مرضى، وأناسًا أصحاء، وأناسًا يعانون وآخرين يعيشون في رخاء، وما هو ذنب من ولد في بيئة فاسدة وكانت سبب انحرافه؟. ونجيبه : خلق الله الخلق ،ووزع الأرزاق ،وقدر الأقوات، واقتضت حكمته سبحانه وتعالي أن يتفاوت الناس في الغنى والفقر، والصحة والمرض، والرفعة والضعة، والسعادة والشقاء ، وهو العزيز الحكيم ، (لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ) (23)الأنبياء، فالناس ليسوا متساويين في نصيبهم من الدنيا، وهي الحقيقة التي يؤكدها الواقع ، ويقرها المولى عز وجل أكثر من مرة في القرآن الكريم، قال الله تعالى : “وَلَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَىٰ مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِّنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ ۚ وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَأَبْقَىٰ ” طه 131، وقال الله تعالى : “وَهُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلَائِفَ الْأَرْضِ وَرَفَعَ بَعْضَكُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِّيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ ۗ ” الانعام 165، وقال الله تعالى : ” وَجَعَلْنَا بَعْضَكُمْ لِبَعْضٍ فِتْنَةً أَتَصْبِرُونَ وَكَانَ رَبُّكَ بَصِيراً ” الفرقان 20. فقد خلق الله تعالى الناس متفاوتين في حظوظهم من الدنيا ، لأن الدنيا دار اختبار، حيث أن تفاوت الأرزاق فيها فتنة، وكل مبتلى فيها بحسب حاله، فالدنيا امتحان، ومطلوب اجتيازه، ولكن عدل الله هنا يتجلى في التقييم، الذي يختلف باختلاف الظروف والأحوال، فمن دخل اختبار الدنيا بمال قليل غير الذي يدخله بمال كثير، والذي اجتاز الاختبار وهو مريض غير الذي اجتازه بصحته. فلا تقلق لأن ربنا له معايير كثيرة في التقييم، مسألة الحساب وتقييم أعمال العباد أعقد وأعمق بكثير جدًا من نظرتنا السطحية للأمور، الله سيحاسب كل شخص بمفرده، حسابًا دقيقًا مفصلاً ،تراعى فيه ظروفه وأحواله ،وأدق ملابسات حياته، كل واحد غير الآخر. وقد حسم رب العزة تمامًا، مسألة الحساب ،وكيفية تقييمه لأعمال العباد ،حتى تطمئن القلوب ، وترتاح العقول ، فقال الله تعالى : ” وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا ۖ وَإِن كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِّنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا ۗ وَكَفَىٰ بِنَا حَاسِبِينَ” الأنبياء 47،

                              أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم

                    الخطبة الثانية اسفل الصفحة الرئيسية ⬇️ 

1 إجابة واحدة

0 تصويتات
بواسطة (3.6مليون نقاط)
 
أفضل إجابة
( لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ ) الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين

                                  أما بعد أيها المسلمون    

فكفى بالله حاسبًا وقيمًا ورقيبًا، فهو من وضع الاختبار، وهو من خلق لكل إنسان ظروفه الخاصة، وهو الأعلم بحال كل واحد، وهو المطلع على خبايا الصدور، وهو من يحاسب العباد بنفسه لا يوكل عنه أحدًا، وهو الحق العدل الكريم الرحيم سبحانه وتعالى عما يصفون. فإياك أن تسيء الظن بربك ، وليتب العبد إلى الله – تعالى – وليرجع إلى صوابه ، وليستغفره كلَّ وقتٍ من ظنِّه بربه ظنَّ السوء، وليظنَّ السوءَ بنفسِه ،التي هي مأوى كل سوءٍ، ومنبع كل شرٍّ، المركَّبة على الجهلِ والظلم؛ فهي أولى بظنَّ السوءِ من أحكم الحاكمين، وأعدل العادلين، وأرحم الراحمين، الغني الحميد الذي له الغنى التام، والحمد التام، والحكمة التامة، المنزَّه عن كلِّ سوءٍ في ذاته وصفاته وأفعاله وأسمائه؛ فذاته لها الكمالُ المطلق من كلِّ وجهٍ، وصفاته كذلك، وأفعاله كذلك، كلها حكمةٌ ومصلحةٌ ورحمةٌ وعدلٌ، وأسماؤه كلها حسنى ،وليس الإعطاءُ من عرضِ الدنيا الفاني هو علامةَ الاصطفاء والرضا عن العبد، ولا المنع منها هو علامة السخط عليه؛ فقد يمنع الله عبدَه شيئًا من الدنيا، وهو يحبه؛ لعلمِه أنه لو أعطاه ذلك، لكان خلافَ مصلحتِه، والعكسُ بالعكس؛ كما قال – تعالى -: ﴿ فَأَمَّا الْإِنْسَانُ إِذَا مَا ابْتَلَاهُ رَبُّهُ فَأَكْرَمَهُ وَنَعَّمَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَكْرَمَنِ * وَأَمَّا إِذَا مَا ابْتَلَاهُ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَهَانَنِ * كَلَّا… ﴾ [الفجر : 15 – 17]. يقول ابن القيم: “أي: ليس كلُّ من وسعتُ عليه وأكرمته ونعَّمتُه، يكون ذلك إكرامًا منِّي له، ولا كل من ضيقتُ عليه رزقه وابتليته، يكون ذلك إهانة مني له”. وبه يتبين لك بيانًا واضحًا أنَّ العطاء والمنع في الدنيا ليس هو أمارةَ رضا الله عن العبد، أو محبتِه له، وأنَّ الواجب على العبد أن يصبرَ لحكم الله، وألاَّ يتسخط شيئًا من أقضيتِه عالمًا أنَّ فيها المصلحةَ والرحمةَ والحكمة. فالواجِب على كلِّ مسلمٍ أن يعتقِدَ بأنَّ الله – تعالى – ربُّ كلِّ شيء ومليكُه، له التَّصرُّف المطْلَق، وله الحكْمة البالغة، يفعل ما يشاء ويحكم بما أراد، لا يُسأَل عمَّا يفعل، ولا معقِّبَ لحُكْمِه، ولا رادَّ لقضائِه، وأنَّه عليم حكيم عدْل، لا يظلمُ أحدًا؛ بل حرَّم – سبحانه – الظلمَ على نفسِه؛ قال – سبحانه وتعالى -: ﴿ إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ أَجْرًا عَظِيمًا ﴾ [النساء : 40]،

                                      الدعاء

اسئلة متعلقة

مرحبًا بك إلى موقع مدينة العلم، حيث يمكنك طرح الأسئلة وانتظار الإجابة عليها من المستخدمين الآخرين.
...