0 تصويتات
في تصنيف إسلامية بواسطة (3.7مليون نقاط)

خطبة جمعة بعنوان فتنة الأموال والأزواج والأولاد بين الخير والشر، جاهزة للطباعة

خطبة جمعة بعنوان فتنة الأموال والأزواج والأولاد بين الخير والشر، جاهزة للطباعة،،،،،،،،،،،،،، خطبة جمعة بعنوان فتنة الأموال والأزواج والأولاد بين الخير والشر، جاهزة للطباعة

             الخطبة الاولى:

إنَّ الحمدَ لله، نحمَدُه ونستعينُه ونستغفرُه، ونعوذُ بالله من شرورِ أنفسِنا ومن سيئاتِ أعمالِنا، من يهدِه اللهُ فلا مضلَّ له، ومن يضللْ فلا هاديَ له، وأشهدُ أن لا إلهَ إلا اللهُ وحدَه لا شريكَ له، وأشهدُ أنَّ محمَّداً عبدُه ورسولُه.

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ [آل عمران: 102].

﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً ﴾ [النساء: 1].

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً ﴾ [الأحزاب: 70 - 71].

أما بعد:

فإن أصدق الحديث كتاب الله، وخيرَ الهديِ هديُ محمَّدٍ صلى الله عليه وسلم، وشرَّ الأمورِ محدثاتُها، وكلَّ محدثةٍ بدعة، وكلَّ بدعةٍ ضلالة، وكلَّ ضلالةٍ في النار.

أيها الإخوة الكرام؛ هذه الحياة الدنيا التي خلقها الله لنا قائمة على المتاع، متاع الحياة الدنيا، من أزواج وأولاد وأموال وزينة وشهوات، فهنيئا لمن استخدمها في طاعة رب الأرض والسماوات، وتعسا لمن وقع فيها فغرق فلم يفز إلا بغضب الله سبحانه وتعالى، نسأل الله السلامة.

خطبة اليوم عن فتنة الأموال والأزواج والأولاد بين الخير والشر، قَالَ الله سبحانه وتَعَالَى لنبيه صلى الله عليه وسلم: ﴿ وَلَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَأَبْقَى ﴾ [طه: 131]، وقال سبحانه مبينا أن الذين تحبهم أعداؤك، والذين تحتضنهم وتؤويهم فتنةٌ لك، قال سبحانه: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلَادِكُمْ عَدُوًّا لَكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ وَإِنْ تَعْفُوا وَتَصْفَحُوا وَتَغْفِرُوا فَإِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ * إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ وَاللهُ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ ﴾ [التغابن: 14، 15].

وَعَنْ حُذَيْفَةَ رضي الله - تعالى - عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ فِي مَالِ الرَّجُلِ فِتْنَةً، وَفِي زَوْجَتِهِ وَوَلَدِهِ فِتْنَةً". (طب) (3024)، انظر صَحِيح الْجَامِع (2137).

وعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله - تعالى - عنهما أَنَّهُ قَالَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلَادِكُمْ عَدُوًّا لَكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ ﴾ [التغابن: 14]، قَالَ: (هَؤُلَاءِ رِجَالٌ أَسْلَمُوا مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ، وَأَرَادُوا أَنْ يَأتُوا النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَأَبَى) - أي رفض - (أَزْوَاجُهُمْ وَأَوْلَادُهُمْ أَنْ يَدَعُوهُمْ يَأتُوا رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَلَمَّا أَتَوْا رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم) - أي فيما بعد - (رَأَوْا النَّاسَ) - الذين سبقوا في الهجرة، المتأخرون رأوا الذين سبقوهم في الهجرة - (قَدْ فَقُهُوا فِي الدِّينِ، فَهَمُّوا أَنْ يُعَاقِبُوهُمْ)، - يعاقبوا أولادهم وأزواجهم الذين أخروهم هذه السنين عن الهجرة، فتأخروا عن الذكر والعلم - (فَأَنْزَلَ اللهُ عز وجل: ﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلَادِكُمْ عَدُوًّا لَكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ وَإِنْ تَعْفُوا وَتَصْفَحُوا وَتَغْفِرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾ [التغابن: 14] (ت) (3317).

وقال الشنقيطي رحمه الله: [قوله - سبحانه وتعالى: ﴿ وَاعْلَمُوا أَنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ وَأَنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ ﴾ [الأنفال: 28]، أمر - الله سبحانه وتعالى الناس في هذه الآية الكريمة أن يعلموا؛ أن أموالهم وأولادهم فتنة يُختبرون بها، هل يكون المال والولد سبباً للوقوع فيما لا يرضي الله؟ وزاد - سبحانه وتعالى - في مواضع أُخر أن الأزواج فتنة - فصارت الفتنة في ثلاث الأموال والأولاد والأزواج - أيضاً، كالمال والولد، فأمر الإنسان بالحذر منهم أن يوقعوه فيما لا يرضي الله، ثم أمره إن اطلع على ما يكره من أولئك الأعداء الذين هم أقرب الناس له، - كيف يكون هذا؟ حبيبك هو عدوك، عدوك هو حبيبك، وقريبك وأقرب الناس إليك إذا رأيت ما يكره، وإذا اطلع على شيء يكرهه منه، من أولئك الأعداء الذين هم أقرب الناس له - وأخصُّهم به، وهم الأولاد، والأزواج - إن اطلع على ما يكره فعليه - أن يعفو عنهم، ويصفح - عنهم - ولا يؤاخذهم، فيحذر منهم أولاً، ويصفح عنهم إن وقع منهم بعض الشيء، وذلك في قوله في - سورة - التغابن: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلَادِكُمْ عَدُوًّا لَكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ وَإِنْ تَعْفُوا وَتَصْفَحُوا وَتَغْفِرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ * إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ وَاللَّهُ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ ﴾ [التغابن: 14، 15].

وصرح - والكلام للشنقيطي رحمه الله - في موضع آخر بنهي المؤمنين عن أن تلهيهم الأموال والأولاد عن ذكره جل وعلا، وأن من وقع في ذلك فهو الخاسر المغبون في حظوظه، وهو قوله - سبحانه وتعالى: ﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ ﴾ [المنافقون: 9]، والمراد بالفتنة في - هذه - الآيات - فتنة الأموال والأزواج والأولاد، إنما هو: الاختبار والابتلاء، وهو أحد معاني الفتنة في القرآن]. أضواء البيان للشنقيطي (9/ 8).

إذن مالك الذي اقتنيته وولدك وزوجتك ابتلاء لك وامتحان، إذا عصوا الله عز وجل كيف أنت تفعل معهم؟

وَعَنْ بُرَيْدَةَ الْأَسْلَمِيِّ رضي الله عنه قَالَ: (كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَخْطُبُنَا) - على المنبر - (إِذْ جَاءَ الْحَسَنُ وَالْحُسَيْنُ - رضي الله عنهما - (عَلَيْهِمَا قَمِيصَانِ أَحْمَرَانِ، يَمْشِيَانِ وَيَعْثُرَانِ)، - من بين الصفوف - (فَنَزَلَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ الْمِنْبَرِ فَقَطَعَ كَلَامَهُ، فَحَمَلَهُمَا ثُمَّ عَادَ إِلَى الْمِنْبَرِ، وَوَضَعَهُمَا بَيْنَ يَدَيْهِ)، ثُمَّ قَالَ: "صَدَقَ اللهُ ﴿ إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ ﴾ [التغابن: 15]، - يقول عليه الصلاة والسلام: - "فَنَظَرْتُ إِلَى هَذَيْنِ الصَّبِيَّيْنِ يَمْشِيَانِ وَيَعْثُرَانِ فِي قَمِيصَيْهِمَا، فَلَمْ أَصْبِرْ حَتَّى قَطَعْتُ حَدِيثِي وَرَفَعْتُهُمَا". (ت) (3774)، (س) (1413)، (ت) (3774)، (س) (1413)، (د) (1109)، (جة) (3600)، (حم) (23045)، انظر صحيح الجامع (3757)، المشكاة: (6159).

والله سبحانه وتعالى خلق الأنبياءَ بشرا، عندهم ميل للأموال والنساء والأولاد، لكن الله عز وجل يؤدب ويهذب أنبياءه ومن سار على طريقهم ودربهم، لذلك الله نهى رسوله صلى الله عليه وسلم؛ [نهاه أن يمد عينيه إلى متاع الحياة الدنيا الذي متع به الكفار؛ لأن من أعطاه ربُّه جلّ وعلا النصيبَ الأكبرَ والحظَّ الأوفر، لا ينبغي له أن ينظر إلى النصيب الأحقر الأخسِّ، ولاسيما إذا كان صاحبه إنما أعطيه؛ لأجل الفتنة والاختبار، وأوضح هذا المعنى في غير هذا الموضع؛ كقوله - سبحانه - في - سورة - طه: ﴿ فَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا وَمِنْ آنَاءِ اللَّيْلِ فَسَبِّحْ وَأَطْرَافَ النَّهَارِ لَعَلَّكَ تَرْضَى * وَلَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَأَبْقَى * وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لَا نَسْأَلُكَ رِزْقًا نَحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى ﴾ [طه: 130 - 132]، والمراد بالأزواج هنا: الأصناف من الذين متعهم الله بالدنيا]. أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن (16/ 127)

و[أخرج الطبري بسنده الصحيح عن مجاهد - رحمه الله -، في - تفسير - قوله - سبحانه: - ﴿ إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلَادِكُمْ عَدُوًّا لَكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ ﴾ [التغابن: 14] قال: (إنهما) - الأزواج والأولاد - (يحملانه على قطيعة رحمه، وعلى معصية ربه، فلا يستطيع مع حبه) - إياهم - (إلا أن يقطعه)]. من الصحيح المسبور من التفسير بالمأثور (4/ 496).

هذا في الأزواج والأولاد إن كانوا عصاة لا تقوىً عندهم، يلحُّون عليك أن تقطع رحمك، وأن تعصيَ ربَّك سبحانه وتعالى، وذلك بجلب أموالٍ ربما تكون من حرام، أو ما شابه ذلك، فإنك إن أطعتهم كانوا عدوًّا لك.

وهؤلاء الأولاد والزوجات وتلك الأموال، هل الإنسان يحاسب أمام الله يوم القيامة بكثرة ماله؟ من أكثر مالا يكون أقرب إلى الله عز وجل؟ أو بكثرة الأولاد؟ من أكثر أولادا يكون أعلى مرتبة ومكانة عند الله؟ استمعوا إلى قول الله، قال سبحانه: ﴿ وَمَا أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ بِالَّتِي تُقَرِّبُكُمْ عِنْدَنَا زُلْفَى إِلَّا مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَأُولَئِكَ لَهُمْ جَزَاءُ الضِّعْفِ بِمَا عَمِلُوا وَهُمْ فِي الْغُرُفَاتِ آمِنُونَ ﴾ [سبأ: 37].

العمل بالمال الذي جاءك فتقدمه لله، لا تقدمه في معصية الله، والولد تربيه على طاعة الله، حتى يكون صالحا يدعو لك بعد موتك. 

وقال سبحانه: ﴿ زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالْأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الْمَآبِ * قُلْ أَؤُنَبِّئُكُمْ بِخَيْرٍ مِنْ ذَلِكُمْ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَأَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ وَرِضْوَانٌ مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ ﴾ [آل عمران: 14، 15].

قال ابن كثير رحمه الله: [يُخْبِرُ - سبحانه وتَعَالَى عَمَّا زُيِّن لِلنَّاسِ فِي هَذِهِ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنْ أَنْوَاعِ الْمَلَاذِ - الملذات والشهوات - مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينِ، فَبَدَأَ بِالنِّسَاءِ لِأَنَّ الْفِتْنَةَ بِهِنَّ أَشَدُّ، كَمَا ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ - (خ) (5096)، (م) (2740) - أَنَّهُ، عَلَيْهِ السَّلَامُ، قَالَ: "مَا تَرَكْتُ بَعْدِي فِتْنَةً أَضَرُّ عَلَى الرِّجَالِ مِنَ النِّساء"].

هذا إذا كنَّ عاصياتٍ لله عزّ وجلّ، فالمرأة إذا لم تتقِ الله في البيت؛ حرَّضت زوجها على قطع رحمه وربُّما هي السبب في نشوب الاقتتال، أن يكون بين عائلتين، أو بين أسرتين، والأولاد كذلك إن أطاعوا إبليس وأطاعوا الشيطان، خرج الرجل والزوجة والولد على هذه الصفة أعداء له، وربما يلحق بهما، فيكون في هذا الأمر وقع في معصية الله، لكن ليس كلُّ الأزواج، وليس كلّ الأموال، وليس كل الأولاد، وإنما هناك أمور أخرى طيِّبة خيِّرة، فتنة خيرٌ وشرٌّ، هكذا تكون الفتنة والاختلاف، من نجح وفاز فيها بالخير، وإلا وقع في الشر، نسأل الله السلامة، نرجع إلى قول ابن كثير رحمه الله. 

قال: - [فَأَمَّا إِذَا كَانَ الْقَصْدُ بِهِنَّ - بالنساء ويتزوج بهدف - الْإِعْفَافَ - يعف نفسه، ويعف غيره من النساء - وَكَثْرَةَ الْأَوْلَادِ، فَهَذَا مَطْلُوبٌ مَرْغُوبٌ فِيهِ مَنْدُوبٌ إِلَيْهِ، كَمَا وَرَدَتِ الْأَحَادِيثُ بِالتَّرْغِيبِ فِي التَّزْوِيجِ وَالِاسْتِكْثَارِ مِنْهُ]، - عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ رحمه الله -، قَالَ: قَالَ لِي ابْنُ عَبَّاسٍ - رضي الله عنهما -: هَلْ تَزَوَّجْتَ؟ - الصحابي يقول للتابعي - قُلْتُ: لاَ، قَالَ: - [«فَتَزَوَّجْ فَإِنَّ خَيْرَ هَذِهِ الأُمَّةِ أَكْثَرُهَا نِسَاءً»]، (خ) (5069) موقوفا على ابن عباس.

[وَقَوْلُهُ، عَلَيْهِ - الصلاة والسَّلَامُ: "الدُّنْيَا مَتَاعٌ، وَخَيْرُ مَتَاعِ الدُّنْيَا الْمَرْأَةُ الصَّالِحَةُ"]. - (م) (1467)، س(3232)، (جه) (1855)،.

[وَقَوْلُهُ - صلى الله عليه وسلم - فِي الْحَدِيثِ الْآخَرِ: "حُبِّبَ إلَيَّ النِّسَاءُ والطِّيبُ، وجُعلَتْ قُرة عَيْني فِي الصَّلاةِ"]. - حم (13057) س (3940).

فكأنه يريد أن يبتعد عن النساء، لكن الله وضع حبَّ النساء في قلبه، "حُبِّبَ إلَيَّ النِّسَاءُ والطِّيبُ، وجُعلَتْ قُرة عَيْني فِي الصَّلاةِ" -.

[وَقَالَتْ عَائِشَةُ، رَضِيَ اللَّهُ - تعالى - عَنْهَا: (لَمْ يَكُنْ شَيْءٌ أَحَبَّ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم من النِّسَاءِ إِلَّا الْخَيْلُ)]، - الخيل يحبها أكثر من النساء عليه الصلاة والسلام -. [وَفِي رِوَايَةٍ: مِنَ الْخَيْلِ إِلَّا النِّسَاءُ)]. - تقديم وتأخير رواه النسائي في الكبرى (4404). 

أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم لي ولكم.

 الخطبة الثانية اسفل الصفحة الرئيسية ⬇️⬇️  

1 إجابة واحدة

0 تصويتات
بواسطة (3.7مليون نقاط)
 
أفضل إجابة
كذلك - [وَحُبُّ الْبَنِينَ - الذكور -؛ تَارَةً يَكُونُ لِلتَّفَاخُرِ وَالزِّينَةِ فَهُوَ دَاخِلٌ فِي هَذَا - أي في الفتنة والعداوة -، وَتَارَةً يَكُونُ لِتَكْثِيرِ النَّسْلِ، وَتَكْثِيرِ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِمَّنْ يَعْبُدُ اللَّهَ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، فَهَذَا مَحْمُودٌ مَمْدُوحٌ، كَمَا ثَبَتَ فِي الْحَدِيثِ: "تَزَوَّجُوا الوَدُودَ الوَلُودَ، فَإنِّي مُكَاثِرٌ بِكُمُ الأمَمَ يَوْمَ القِيَامَةِ"]. - (د) (2050) س (3227) (حب) (1229) والحاكم في المستدرك (2/162) وصححه وأقره الذهبي.

تزوجوا الودود؛ المرأة التي تتودد وتتحببُّ إلى زوجها، ولا تثير المشاكل ولا القلاقل في البيت والأسرة، ولا تحرضه على أرحامه ولا المساكين، وفعل ما يغضب الله سبحانه وتعالى، ودود متحببة، ولود تنجب له الأولاد والذرية

كذلك يقول ابن كثير - [حُبُّ الْمَالِ - كَذَلِكَ -؛ تَارَةً يَكُونُ لِلْفَخْرِ وَالْخُيَلَاءِ، وَالتَّكَبُّرِ عَلَى الضُّعَفَاءِ، وَالتَّجَبُّرِ عَلَى الْفُقَرَاءِ، فَهَذَا مَذْمُومٌ، وَتَارَةً يَكُونُ لِلنَّفَقَةِ فِي الْقُرُبَاتِ وَصِلَةِ الْأَرْحَامِ وَالْقَرَابَاتِ وَوُجُوهِ الْبِرِّ وَالطَّاعَاتِ، فَهَذَا مَمْدُوحٌ مَحْمُودٌ عَلَيْهِ شَرْعًا]، - انتهى من تفسير ابن كثير ت سلامة

والمراد بالصالحة: النقية - التقية - المصلحة لحال زوجها في بيته، المطيعة لأمره. فيض القدير (ج 3/ 732، 733)].
بواسطة (3.7مليون نقاط)
الخطبة الثانية⬇️⬇️



الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى من اهتدى بهداه إلى يوم الدين، أما بعد:



وما زلنا في الكلام عن المرأة الصالحة، والولد الصالح، والمال الصالح، هذا فتنة تؤدي إلى خير إن شاء الله سبحانه وتعالى، ابتلاء نهايته إلى خير إن شاء الله، فقد ورد عَنْ ثَوْبَانَ مَوْلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: لَمَّا أُنْزِلَتْ: ﴿ وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ ﴾ [التوبة: 34]، كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي بَعْضِ أَسْفَارِهِ، فَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِهِ: (قَدْ نَزَلَ فِي الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ مَا نَزَلَ، فَلَوْ أَنَّا عَلِمْنَا أَيُّ الْمَالِ خَيْرٌ اتَّخَذْنَاهُ).



 



يعني لا يريدون أن يتخذوا لا ذهبا ولا فضة؛ لأن فيها والذين يكنزون الذهب والفضة، فلا يريدون هذا المال، فيا ليتنا علمنا أي المال خير اتخذناه، فعلى ماذا دلهم؟



 



دلّهم على الكنز العظيم يؤخذ لهم ويعرفون غِبَّه يوم القيامة.



 



فَقَالَ: "لِيَتَّخِذْ أَحَدُكُمْ قَلْبًا شَاكِرًا، وَلِسَانًا ذَاكِرًا، وَزَوْجَةً مُؤْمِنَةً، تُعِينُ أَحَدَكُمْ عَلَى أَمْرِ الْآخِرَةِ". (ت) (3094)، (جة) (1856)، (حم) (22446)، (22490)، (طس) (2274) (تفسير عبد الرزاق) (1076)، انظر صَحِيح الْجَامِع (4409)، صَحِيح التَّرْغِيبِ (1499).



 



ليتخذ من أراد المال غير الذهب والفضة، يتخذ قلبا شاكرا، ولسانا ذاكرا، وزوجة مؤمنة تعين أحدكم على أمر الآخرة.



 



وَعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "مَنْ رَزَقَهُ اللهُ امْرَأَةً صَالِحَةً؛ فَقَدْ أَعَانَهُ عَلَى شَطْرِ دِينِهِ، فَلْيَتَّقِ اللهَ فِي الشَّطْرِ الْبَاقِي". (ك) (2681)، (طس) (972)، (هب) (5487)، صَحِيح التَّرْغِيبِ (1916).



 



وأفضل من هذا كله هو قوله سبحانه وتعالى: ﴿ قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ ﴾ [يونس: 58]، وقال الله عن شعيب أنه قال لقومه: ﴿ بَقِيَّتُ اللَّهِ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ وَمَا أَنَا عَلَيْكُمْ بِحَفِيظٍ ﴾ [هود: 86]، وقال سبحانه: ﴿ وَلَأَجْرُ الْآخِرَةِ خَيْرٌ لِلَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ ﴾ [يوسف: 57]، وقال سبحانه: ﴿ الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ أَمَلًا ﴾ [الكهف: 46].



 



هذا الأمر يا عباد الله! الذي هو فتنة؛ فنتيجة هذه الفتنة وهذا الامتحان والاختبار إما خير، نسأل الله ذلك، وإمَّا لشرٍّ نعوذ بالله من ذلك، فعلينا يا عباد الله! أن نسارع في تقويم أنفسنا، وتقويم أهلينا، وأزواجنا وأولادنا، وأن نتخذ من أموالنا ما ينفعنا عند الله سبحانه وتعالى.



 



وأختم قولي بحديث أَبِي الضُّحَى، قَالَ: قَالَ رَجُلٌ وَهُوَ عِنْدَ عُمَرَ: (اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْفِتْنَةِ أَوِ الْفِتَنِ)، - كلمة ربما تتوارد على ألسنتنا كثيرا، ونقولها اعترض عمر رضي الله تعالى عنه - فَقَالَ عُمَرُ: (اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الضَّفَاطَةِ)، - الضفاطة بالضاد، فاتَّهَم هذا الرجلَ الذي يقول: أعوذ بك من الفتن أو من الفتنة، اتهمه بضعف الرأي والجهل - (أَتُحِبُّ أَنْ لَا يَرْزُقَكَ اللَّهُ مَالًا وَوَلَدًا)! - هذه فتنة، فأنت لا تريد المال ولا والولد، عندما تقول: أعوذ بك من الفتن، إذن ماذا نقول؟ نرجع إلى أثر ابن عمر قال: (اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الضَّفَاطَةِ، أَتُحِبُّ أَنْ لَا يَرْزُقَكَ اللَّهُ مَالًا وَوَلَدًا! أَيُّكُمُ اسْتَعَاذَ مِنَ الْفِتَنِ؛ فَلْيَسْتَعِذْ مِنْ مُضِلَّاتِهَا). ش (7/ 459) رقم (37218).



 



فليست كلُّ الفتن شرًّا، بعضها شر وبعضها خير، والابتلاء يكون بالشر والخير فتنة، فلذلك أنت عندما تدعو الله وتستعيذ بالله، استعذ فقط من المضلات، من شر الفتن، من مضلات الفتن، فاللهم إنا نعوذ بك من مضلات الفتن، اللهم آمين.



 



[(الضَّفَاطة) هي ضَعْفُ الرَّأي والجهلُ، وقد ضفُطَ يضفْطُ ضفَاطة فهو ضفِيط]. النهاية في غريب الأثر اللهم صل وسلم وبارك على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهديه إلى يوم الدين.



 



اللهم اغفر للمؤمنين والمؤمنات، والمسلمين والمسلمات، الأحياء منهم والأموات، إنك سميع قريب مجيب الدعوات يا رب العالمين.



 



اللهم وفقنا لما تحبه وترضاه، اللهم كن معنا ولا تكن علينا، اللهم أيد ولا تخذلنا، اللهم انصرنا ولا تنصر علينا.



 



اللهم وحد صفوفنا، اللهم ألف بين قلوبنا، وأزل الغل والحقد والحسد والبغضاء من صدورنا، وانصرنا اللهم على عدوك وعدونا برحمتك يا أرحم الراحمين.



 



وأنت يا مؤذن أقم الصلاة، فإِنَّ ﴿ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللهِ أَكْبَرُ وَاللهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ ﴾ [العنكبوت: 45

اسئلة متعلقة

0 تصويتات
2 إجابة
مرحبًا بك إلى موقع مدينة العلم، حيث يمكنك طرح الأسئلة وانتظار الإجابة عليها من المستخدمين الآخرين.
...