تحليل قصيدة الباب تقرعه الرياح
تحليل قصيدة الباب تقرعه الرياح
وفقكم الله الى مايحب ويرضى واهلا وسهلا بكم اعزائي طلاب وطالبات العلم في موقعكم الأول التعليمي موقع مدينة الـعـلـم madeilm النموذجي الذي يقدم افضل المعلومات النموذجية والاجابة الصحيحة للسؤال التالي
تحليل قصيدة الباب تقرعه الرياح
تحليل قصيدة الباب تقرعه الرياح
انه بعد النكبة - ف، ل، س، ط، ي، ن التي تزامنت مع هزيمة الجيوش العربية سنة1948م ، وما رافقها من شك في قداسة القصيدة العربية ، وبعدما فتح الشاعر الحديث ذهنه ووجدانه للثقافة الغربية،ظهرت قصيدة تكسير البنية التي حاولت بقالبها الإيقاعي الجديد تصوير واقع الإنسان وتعرية تناقضاته،ويعتبر الشاعر بدر شاكر السياب، ذلك الشاعر العراقي وإلى جانب جماعة من شعراء عصره وأبرزهم البياتي، أحد رواد هذا النمط الجديد، تغنى بقضايا قومية وإنسانية وذاتية، فما موضوع قصيدته قيد التحليل؟ وما خصائصها الفنية الجمالية التي تجعل منها قصيدة حداثية؟
شكل القصيدة الحديث :
الذي تجاوز بنية البيت إلى السطر والجملة الشعريتين،
حيث وتنوع حروف الروي والقافية... كلها مؤشرات إيقاع جديد سيختلف عما ألفناه عند شعراء الإحياء ومن قبلهم،أما عنوان القصيدة وخاصة إذا ما ربطناه بمقدمتها،فمؤشر يدفعنا إلى توقع أن يتغنى الشاعر بقصة اغترابه وما ولدته من شوق وحنين،فما حقيقة اغتراب الشاعر؟
يستهل الشاعر قصيدته بمقطع شعري يعبر من خلاله عن شوقه الشديد إلى بلده العراق الذي تمثل له في صورة أنثى،ثم يعبر في المقطع الثاني عن غربته في بلاد المهجر حيث غدا منكسرا مهموما يتذكر أمه ويتحسر على رحيلها الأبدي ويناجيها لتسمع صرخات قلبه الذي يذبحه الحنين إلى العراق.
التجربة الشعرية:
إنها تجربة غربة وضياع، وتصوير حي لاغتراب الإنسان في واقعه الحضاري، وقدرة هائلة من الشاعر لإعطاء تجربته الذاتية بعدا إنسانيا،وانسجاما مع ثنائية الغربة والشوق، توزعت ألفاظ القصيدة علىحقلين دلالين، حقل دال على غربة الشاعر، وتحيل عليه الألفاظ التالية" غريب أمس، راح، يزحف،انكسار،يمشي على قدمين،وحقل دال على شوق الشاعر للأم وللوطن وتحيل عليه الألفاظ التالية
صرخات قلبي، الحنين العراق،صدى القبلات،أماه،الفراق العراق وبين الحقلينعلاقة سببية لأن الشوق نتاج الغربة، والمتأمل في طبيعة معجم القصيدة يجد أن الشاعر انزاح عن اللغة المألوفة و ابتعد عنها إلى لغة مشحونة بحمولة رمزية،فالريح رمز للضياع والليل رمز للتشرد والنخلة رمز للوطن،ومحطات القطار رمز للاغتراب... وهذا دليل تجديد في القصيدة، يضاف إلى جديدها على مستوى المضمون ولجديدها على مستوى الإيقاع الذي يظهر وكما دل تقطيعنا للمقطع الأول أن الشاعر أحدث من خلاله ثورة على الإيقاع القديم، فقد تجاوزالشاعر البيت إلى السطر، واستغنى عن بحر الكامل بتفعيلاته المحدودة مقتصرا على تفعيلته " متفاعلن" التي وزعها على أسطره الشعرية بشكل متفاوت يراعي طول وقصر دفقاته الشعورية، وهي تفعيلة استعملت بتحققات مختلفة نتيجة ما أصابها من زحاف كثير، فقد تحولت من "مستفعلن" إلى متفاعلن بإضمار الثاني المتحرك، وإلى متفاعلان، ومتفاعلاتن، ... هذا ونوع الشاعر من أضربه ولم يلتزم بوحدة الضرب، فقد استعمل أضربا منها:"متفاعلن/متفاعلان/ مت/ " مع حضور أكبر للضرب الثاني،وهو تنوع أفضى ضرورة إلى تنوع القافية وحروف الروي، فالقافية جاءت مركبة من حروف روي يظهر بعضها ثم يغيب ثم سرعان ما يتردد صداه من جديد ومنها"القاف/الكاف/الميم/ الراء"، هذا وخرق الشاعر الوقفتين العروضية والدلالية،معتمدا على تقنية التدوير خاصة عندما وزع تفعيلة متفاعلن بين السطر الثاني والثالث على الشكل التالي متـــ/ فاعلن، والتضمين عندما جعل معاني أسطر كثيرة لا تتم إلا باستحضار أسطر قبل أو بعد، ومن ذلك قوله" أماه أتسمعين " وهو سطر بحاجة إلى سطر آخر يقول فيه"صرخات قلبي ..."،أما بخصوص الإيقاع الداخلي للقصيدة فقد تحقق بالاعتماد على ظاهرة التكرار خاصة تكراربعض الكلمات "ما قرعته /ما قرعته،الباب/ الباب،الريح/ الرياح/ كيف انطلقت/ كيف انطلقت...،ولم يتوقف جديد الشاعر هاهنا بل واصل رحلة التجديد حتى على مستوى خلقه التصويري،فقد وظف التشبيه في قوله " الريح تحمل لي صدى القبلات منها كالحريق" مشبها أشواق العراق التي حملتها الريح بالحريق في حرارتها، وهو تشبيه فيه قدرة على الجمع بين طرفين بينهما تباعد وتنافر لا تقارب،كما وظف الانزياح في قوله " أتسمعين صرخات قلبي وهو يذبحه الحنين " مسندا فعل الذبح للحنين، ليعبر بطريقة ايحائية على أن حنينه إلى وطنه قد مزق روحه وكيانه النفسي،دونما نسيان بلغة الاستعارة في قوله"الريح تحمل/هزها الحب/يزحف في انكسار...،أسلوبيا زاوج الشاعر بين لغة الخبر والإنشاء، فقد وظف الأساليب الخبرية ليخبر وبطريقة إيحائية تفاصيل غربته وشوقه، ووظف الإنشاء خاصة النداء " يا ولدي.../ والندبة " أماه..." والاستفهام " أين أنت؟ أتسمعين؟كيف تعود وحدك؟... للتعبير عن أقصى درجات الانفعال والتوتر.