0 تصويتات
في تصنيف مناهج دراسية بواسطة

شرح وتحليل قصيدة رحلة الى الايمان للاعشى

تحليل قصيدة رحلة الى الايمان للاعشى

حل وشرح قصيدة رحلة الى الايمان للاعشى 

الشعر تعبير عن الذات في العصر الاسلامي:كتاب النجاح في اللغة ااعربية،الاولى سلك باكالوريا اداب وعلوم انسانية

حيث بدأ الشاعر الأعشى هذه القصيدةَ على غير عادته في قصائده كلِّها، على مدار ديوانه؛ إذْ مُقدِّماته كلُّها خمريَّة أو غزَلِيَّة، يتخلَّلُها وصفُ النَّاقة والسُّرى في الصَّحراء على ظهور العِيس، ولكنَّنا في هذه القصيدة نجده كأنَّما يودِّع عهد الهوى والخمر، وينظر نظرةَ الحكيم المجرِّب، ويشكو حاله المسهَّد؛ حيث لم تغمض عيناه؛ بسبب ما أصابَها من الرَّمَد النَّاتج عن طول السَّهر والسُّهد لا بسبب الصَّبابة والهوى، ولكن بسبب ما خرج به من معرفته بالدَّهر الذي إذا أصلح شيئًا عاد فأفسده:

أَلَمْ تَغْتَمِضْ عَيْنَاكَ لَيْلَةَ أَرْمَدَا 

وَبِتَّ كَمَا بَاتَ السَّلِيمُ مُسَهَّدَا 

وَمَا ذَاكَ مِنْ عِشْقِ النِّسَاءِ وَإِنَّمَا 

تَنَاسَيْتَ قَبْلَ اليَوْمِ خُلَّةَ مَهْدَدَا 

وَلَكِنْ أَرَى الدَّهْرَ الَّذِي هُوَ خَائِنٌ 

إِذَا أَصْلَحَتْ كَفَّاي عَادَ فَأَفْسَدَا 

 

إنَّ صاحبته (مَهْدَد) قد تَناسى خُلَّتَها التي كانت بينه وبينها، فهو وإن كان مسهَّدًا إلاَّ أن ذلك ليس بسبب العشق، كما كان حاله من قبل؛ وإنَّما بسبب ما يراه من تقلُّب الدَّهر به، ومن أمورٍ يريد صَلاحها فيفسدها الدهر.

 

ومن ثم يتأمَّل حالة الأضداد التي تنطوي عليها الحياةُ وينطوي عليها الدَّهر، الذي يتقلَّب الإنسانُ فيه بين شيبٍ وشباب، وغِنًى وافتِقار، كل ذلك يأخذه إلى السُّهد، حينما يتقلَّبُ هذه الأحوالَ المتقلِّبة المتردِّدة من أحوال الدهر:

شَبَابٌ وَشَيْبٌ وَافْتِقَارٌ وَثَرْوَةٌ 

فَلِلَّهِ هَذَا الدَّهْرُ كَيْفَ تَرَدَّدَا 

 

إنَّنا نلمح بريق الحكمة يلمع في أبيات الأعشى؛ حيث لم نعتَدْ على ذلك كثيرًا في قصائده الأُخَر، التي يتقاسَمُها المديح والخمر والغزَل، ووَصْف النَّاقة والسَّفر في دروب الصحراء.

 

ثم إنه كأنَّما يندم على ما كان عليه حالُه طولَ دهْرِه من سفرٍ في طلب المال بالمديح، والسَّير بين مناطق الجزيرة من سيِّد إلى سيِّد، يطلب عند الجميع الغنى والمُؤانسة والثَّروة والصُّحبة، يقول الأعشى:

وَمَا زِلْتُ أَبْغِى الْمَالَ مُذْ أَنَا يَافِعٌ 

وَلِيدًا وَكَهْلاً حِينَ شِبْتُ وَأَمْرَدَا 

وَأَبْتَذِلُ العِيسَ الْمَرَاقِيلَ تَغْتَلِي 

مَسَافَةَ مَا بَيْنَ النُّجَيْرِ فَصَرْخَدَا 

 

والنُّجَيْرُ وصرخد موضِعان، لعلَّ الأعشى قد مرَّ بهما في سفراته الطِّوال.

 

لقد مرَّ به عمرُه مذْ كان يافعًا وحتَّى صار كهلاً قد شابت ناصيتُه في طلب المال، ثم ها هو اليوم يُخاطب صاحبته:

فَإِنْ تَسْأَلِي عَنِّي فَيَا رُبَّ سَائِلٍ 

حَفِيٍّ عَنِ الأَعْشَى بِهِ حَيْثُ أَصْعَدَا 

 

عند هذا البيت ينتهي شوط القصيدة الأوَّل، وهو المدخل للقصيدة، وهو مدخلٌ يَتناسب تمامًا مع موضوع القصيدة؛ حيث لم يَعُد للشَّاعر أربٌ في مال، وصار مسهَّدًا؛ لأنَّه يطلب اليقين الذي يحلُّ به طلاسم الدَّهر:

أَجْدَّتْ بِرِجْلَيْهَا النَّجَاءَ وَرَاجَعَتْ 

يَدَاهَا خِنَافًا لَيِّنًا غَيْرَ أَحْرَدَا 

فَآلَيْتُ لاَ أَرْثِي لَهَا مِنْ كَلاَلَةٍ 

وَلاَ مِنْ حَفًى حَتَّى تَزُورَ مُحَمَّدَا 

 

وهنا يَنتهي المقطع الثَّاني بأمنيةِ بلوغ الغاية، ووصوله إلى محمَّدٍ رسولِ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - ثم في المقطع الثالث، وهو اثنا عشر بيتًا - نِصْف عددَ أبيات القصيدة تقريبًا - يصف النبيَّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - ويصف رسالتَه، والقِيَمَ التي احتوتها هذه الرسالة والمنهج، يقول الأعشى مخاطبًا ناقته:

مَتَى مَا تُنِيخِي عِنْدَ بَابِ ابْنِ هَاشِمٍ 

تُرِيحِي وَتَلْقَيْ مِنْ فَوَاضِلِهِ نَدَى 

 

وفي هذا البيت يَربط بين المقطع السَّابق ومقطعِ وصْفِ النبِيِّ ومَدْحه، ووصف الرِّسالة، وهنا نلحظ نَفْس طريقة كعب بن زُهير في ربطه بين أجزاء القصيدة؛ حتَّى تبدو وَحْدة نفسيَّة وشعورية واحدة؛ فهو من خلال بيتٍ واحد ينتقل من غرَضٍ إلى غرض، ولعلَّها نفس طريقة الشُّعراء الجاهليِّين والمُخضرَمين في رَبْط عناصر القصيدة وشدِّ بنائها في وَحْدةٍ واحدة، فيبدأ الأعشى بذِكْر أخَصِّ صفات النبيِّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - وهو ما اصطفاه الله به من الوحي والرِّسالة والنبوَّة؛ "نَبِيٌّ يَرَى مَا لاَ يَرَوْنَ" أو "مَا لا تَرَوْن"، كما في الرِّواية الأخرى للقصيدة.

 

ثم يبدأ على عادته في مَدْح ممدوحيه بما له مِن حُسن الخصال وجميل الصِّفات، فيذكر منها:

• ذِكْر النبِيِّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - الذي شمل البلاد كلَّها في جزيرة العرب:

... وَذِكْرُهُ = أَغَارَ لَعَمْرِي فِي البِلادِ وَأَنْجَدَا

 

• صدقاته الكثيرة:

لَهُ صَدَقَاتٌ لاَ تَغِيبُ

• عطاؤه: "ونائل".

 

• العطاء المتكرِّر كلَّ وقت:

وَلَيْسَ عَطَاءُ اليَوْمِ مَانِعَهُ غَدَا

 

وهذه الصِّفات التي يركِّز عليها الأعشى تتَماشى تمامًا مع تكوينه النَّفسي الذي يجلُّ العطاء، ويمدح لأجله، فيتخيَّر من بين صفات النبِيِّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - بعد صفة النبوَّة والرِّسالة، وبعد صفة حُسْن الذِّكر في البلاد - يتخيَّر صفة العطاء التي تهمُّ الأعشى، والتي خرج إلى النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - وهو ينطوي عليها ويسعى لها.

 

وهذا يؤكِّد أنَّ هذه القصيدة من شِعر الأعشى فعلاً، وليست منحولةً عليه، وتتناسب تمامًا مع ما ينطوي عليه من سعيٍ إلى العطاء، يطلبه بالشِّعر، يمدح به؛ لينال العطاء، وتَدْحَض هذه الأبياتُ قولَ من يرى أنَّ القصيدة منحولة، ولعلَّه أدَّاها وانطلق بها مؤملاً أن يُلْقِيها بين يدي النبيِّ؛ لينال عطاءه، فلمَّا وجد العطاء عند أهل مكَّة، قنع به ورجع.

 

وبعد ذكر صفات النبيِّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - يَشْرع في بيان خطوط الرِّسالة التي جاء بها النبيُّ:

أَجِدَّكَ لَمْ تَسْمَعْ وَصَاةَ مُحَمَّدٍ 

نَبِيِّ الإِلَهِ حَيْثُ أَوْصَى وَأَشْهَدَا 

إِذَا أَنْتَ لَمْ تَرْحَلْ بِزَادٍ مِنَ التُّقَى 

وَلاَقَيْتَ بَعْدَ الْمَوْتِ مَنْ قَدْ تَزَوَّدَا 

نَدِمْتَ عَلَى أَنْ لاَ تَكُونَ كَمِثْلِهِ 

فَتُرْصِدَ لِلمَوْتِ الَّذِي كَانَ أَرْصَدَا 

 

ثم يَذْكر بعض خطوط التَّشريع الإسلاميِّ التي كانت جديدةً على أهل الجاهليَّة مما وصل علمُه إلى الأعشى، وكلُّها ترجع إلى معاني آياتٍ من القرآن، ومن ذلك:

• تحريم الميتة:

فَإِيَّاكَ وَالْمَيْتَاتِ لاَ تَقْرَبَنَّهَا 

وَلاَ تَأْخُذَنْ سَهْمًا حَدِيدًا لِتَفْصِدَا 

 

• تحريم الذَّبح على النُّصب، وعبادة الأصنام، والقيام بتوحيد الله تعالى، والصلاة، ومعاداة الشيطان، وحمد الله تعالى:

وَلاَ النُّصُبَ الْمَنْصُوبَ لاَ تَنْسُكَنَّهُ 

وَلاَ تَعْبُدِ الأَوْثَانَ وَاللهَ فَاعْبُدَا 

وَصَلِّ عَلَى حِينِ العَشِيَّاتِ وَالضُّحَى 

وَلاَ تَحْمَدِ الشَّيْطَانَ وَاللهَ فَاحْمَدَا 

 

• إعطاء السائل والمحروم، والأسير المقيَّد.

 

• عدم السُّخرية من الضُّعفاء والبؤساء

وهكذا تنتهي القصيدة التي شكَّك عددٌ من النُّقاد في نِسْبتها للأعشى، ومنهم الدكتور "شوقي ضيف"، الذي يقول عنها: "وواضِحٌ من هذا كلِّه أن القصيدة منتحَلة، وهي لا تتَّفِق في شيءٍ ونفسيَّةَ الأعشى، وما كان ليسمع القرآن، ويؤمن بتعاليمه على هذا النَّحو، ثم ينصرف عن رسوله الكريم، ونحن لا نشكُّ في هذه القصيدة فقط، بل نشكُّ في القصائد الأخرى التي تردِّد معاني الإسلام ومثاليته الخلقيَّة. 

 

على أنَّ الدكتور حلمي القاعود يرى رأيًا آخَر؛ إذْ يقول: "وإن كنتُ أميل إلى عدِّ القصيدة من شعر الأعشى؛ لأكثرَ مِن سبب، منها: أنَّ معظم النُّقاد والمؤرِّخين قد نسبوها إلى الأعشى، ومنهم ابن هشام وابن قتيبة والمعرِّي، ومنها أنَّ حبَّ الأعشى للمال والذي عبَّر عنه بوضوحٍ في القصيدة. 

 

إنَّ هذه القصيدة في نظرنا من شعر الأعشى، وهي تمثِّل رؤية شاعرٍ جاهلي للإسلام وللدَّعوة وصاحبِها، ويتبدَّى من خلال تحليل بنائها الداخليِّ وذِكْر الأعشى المال فيها حتَّى وهو ينظر إليه كنوعٍ من الصَّدقات والعطاء الذي جاء به الإسلام.

كما أنَّ تحليل القصيدة من حيث بناؤُها الفنِّيُّ يلحظ فيه نَفْس البِناء الذي سار عليه شعرُ الأعشى، مع التحوُّل في المضامين الذي يُدْرِك من خلاله الأعشى أنَّه ليس أمام ممدوحٍ كبقيَّة الممدوحين، ولكنَّه أمام "نَبِيٌّ يَرَى مَا لاَ يَرَوْنَ"، ومن هنا ظهرَتْ خطوط الرِّسالة الإسلاميَّة كما سمع عنها الأعشى واضحةً في بناء القصيدة.

ما نوع النص :

قصيدة شعرية تقليدية تنتمي للعصر الجاهلي تدخل في اطار مجزوءة الشعر العربي القديم والتعبير عن الذات. 

قراءة في العنوان 

ـ يوحي العنوان باخبار عن انتقال الى حيز مكاني فيه راحة واطمئنان

فرضية القراءة:

نفترض ان النص مونولوج يراجع فيه الشاعر معتقداته ويعلي فيه من شأن الاسلام ونبيه 

المضمون العام للقصيدة

استهل الشاعر قصيدته بالإعلان عن ارقه الشديد ومعاناته لا من هجر النساء له وإنما ومن تكالب الحياة نفسها عليه ،

ليعلن مباشرة بعد ذلك توجهه الى يثرب طلبا لرؤية النبي صلى الله علي وسلم مصبغا عليه صفات جليلة ذاكرا لقيم الاسلام السمحة

1 إجابة واحدة

0 تصويتات
بواسطة (3.4مليون نقاط)
 
أفضل إجابة
شرح وتحليل قصيدة رحلة الى الايمان للاعشى

اسئلة متعلقة

0 تصويتات
1 إجابة
مرحبًا بك إلى موقع مدينة العلم، حيث يمكنك طرح الأسئلة وانتظار الإجابة عليها من المستخدمين الآخرين.
...