0 تصويتات
في تصنيف إسلامية بواسطة (3.6مليون نقاط)

خطبة بعنوان اياكم والاحتكار .

خطبة جمعة عن احتكار حاجات وقوت الناس في موسم رمضان 2022 

محتويات الخطبة

شاهد أيضاً الخطب الاتية

خطبه الجمعه بعنوان(خدمة الناس نعمة وعبادة)خطبة جمعة عن السنة الجديدة , خطبتين لصلاة الجمعة عن قدوم العام الجديد

خطبة جمعة بعنوان الاستعداد لشهر رمضان المبارك 2022

1-ماهو الاحتكار؟

2-أدلة تحريم الاحتكار .

3-حال السلف في البيع والشراء .

سلام الله عليكم بالخير والبركات أعزائي الزوار الباحثين عن خطب الجمعة، خطب أعياد المسلمين والمسلمات، خطب محطة التزود للتقرب والرجوع إلى الله. نرحب بكم من هنا من منبر موقع مدينة العلم www.madeilm.net يقدم لكم افضل الخطب المكتوبة الجاهزة للطباعة والقابلة للنسخ من هنا. وحيث نقدم لكم خطب الجمع المعاصرة, وكذلك خطب الجمعة في المناسبات الدينية والتواريخ الهجرية الجديدة، وكذلك نبث لكم الخطب المكتوبة والمشكلة والجاهزة التي تتحدث عن مايحدث في البلدان العربية. وإليكم نقدم لكم خطبة الجمعة بعنوان..خطبة جمعة عن احتكار حاجات وقوت الناس في موسم رمضان 2022 .. 

الخطبة الأولى .

الحمد لله رب العالمين، الذي أمر عباده بالعدل في الأمور، وعدم الظلم للآخَرين، ومحبة الخير للمسلمين، والحرص على نفع الناس أجمعين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له القائل في كتابه: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلاَّ أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ) [النساء:29]، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله أرحم الخلق بعباد الله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه أجمعين.

أما بعد: فاتقوا الله عباد الله، واعلموا أن التقوى هي طريق النجاح والفلاح للعبد في الدنيا والآخرة

لقد اهتم الإسلام بحياة الفرد والمجتمع، فلم تقف تعاليمه عند تنظيم العلاقة بين العبد وربه في العبادات فحسب، بل تناول الشؤون الدنيوية في المعاملات، ومنها حفظ حقوق الناس في جميع شؤونهم، حيث إن حفظ المال من مقاصد الإسلام الخمسة.

والإسلام يسعى في تشريع أحكامه إلى جعل المجتمع الإنساني مجتمعًا متكاملًا يقوم على التكافل الاجتماعي، وينعم بالأمن والاطمئنان، ويسلم من الخلافات والآفات، ولكن في هذا العصر نرى أنَّ الماديات طغت على بعض الناس، وانتشر الجشع وجمع المال بينهم، فكان منها الاحتكار الذي نهى عنه الإسلام.

فما هو الاحتكار؟ وما حكمه في التشريع؟ وما وسائل منعه؟

الاحتكار هو إمساك ما اشتراه التاجر وقت الغلاء ليبيعه بأكثر مما اشتراه عند اشتداد الحاجة.

وهو حبس مال، أو منفعة أو عمل، والامتناع عن بيعه وبذله، حتى يغلو سعره غلاء فاحشاً غير معتاد بسبب قلته، أو انعدام وجوده، مع شدة حاجة الناس أو الدولة أو الحيوان إليه، وقد تطورت عملية الاحتكار في هذا العصر، حتى أصبحت الشركات الصناعية والتجارية تقوم باعتماد وكالات لها في الأسواق، وهذا في النهاية يؤدي إلى ارتفاع الأسعار ويشق على الناس، ومن ثم فقد واجهت الشريعة الإسلامية هذا التصرف ووقفت لمن يمارسونه بالمرصاد، حماية للمصالح العامة. حرام شرعاً تقول دار الإفتاء المصرية في فتوى رسمية: تطلق لفظة «الاحتكار» على التاجر الذي يأخذ توكيل سلعة معينة أو خدمة، سواء أكانت هذه السلعة ضرورية أو غير ضرورية، وسواء أحسن الالتزام بسياسة الأسعار أم لم يحسن، فبمجرد أنه وحده في السوق فيسمى ذلك من الناحية الاقتصادية احتكاراً، وقد يخلط المسلم بين الاحتكار المذموم شرعاً الوارد في نصوص الشرع، وبين استخدامات الناس للاحتكار، ولذا لا بد من بيان المقصود من الاحتكار في الشرع. والاحتكار شرعاً هو اشتراء القوت وقت الغلاء، وإمساكه وبيعه بأكثر من ثمنه للتضييق، وهو محرم ومن يفعله آثم لما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم: «المحتكر ملعون»، وقوله: «من احتكر طعاماً أربعين ليلة، فقد بريء من الله، وبريء الله منه»،

ولهذا فإنَّ الاحتكار لا يكون إلا فيما يضر بالناس حبسه.

إنَّ الاحتكار يحمل كل معاني الظلم والاستبداد والحبس المؤدي إلى الإضرار بالناس وهو عام يشمل القوت وغيره، متى وجد سببه، ولهذا أجمع العلماء على أنَّ الاحتكار منهي عنه في التشريع الإسلامي لما فيه من الإضرار بالناس، والتضييق عليهم، واتفقوا على أنَّه محرم، واستدلوا بقول الله تعالى: ﱡ «ومن يرد فيه بإلحاد بظلم نذقه من عذاب أليم»، (الحج: 25).

وذكر الإمام القرطبي رحمه الله تعالى في تفسير هذه الآية أنَّ أبا داود روى عن يعلى بن أمية أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (احتكار الطعام في الحرم إلحاد فيه). وهو قول سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه.

واستدل علماء الحنابلة على التحريم بما رواه الأثرم عن أبي أُمامة رضي الله عنه قال: «نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يحتكر الطعام، وما روي عن سعيد بن المسيب رحمه الله تعالى أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (منْ احتكر فهو خاطئ).

وروي أنَّ سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه خرج مع أصحابه، فرأى طعامًا كثيرًا قد ألقي على باب مكة، فقال: ما هذا الطعام؟ فقالوا: جلب إلينا، فقال: بارك الله فيه وفيمَنْ جلبه، فقيل له: فإنَّه قد احتكر، فقال: مَنْ احتكره؟ قالوا: فلان مولى عثمان، وفلان مولاك، فاستدعاهما، وقال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (مَنْ احتكر على المسلمين طعامهم لم يمت حتى يضربه الله بالجذام أو الإفلاس).

حب المال، والإكثار منه، فحب المال والحرص على كسبه بأي طريق حتى ولو كان عن طريق الحرام أمر مشاهد للجميع، وخاصة مع انتشار المعاملات الربوية، واختلاط الحلال بالحرام، قال -تعالى-:(وَتُحِبُّونَ الْمَالَ حُبّاً جَمّاً) [الفجر:20]، وعندما يطغى ذلك على الناس يصبح الأمر خطيراً جدا، ويتسبب في مخالفات شرعية كثيرة، قال -صلى الله عليه وسلم-: "فوالله لا الفقر أخشى عليكم! ولكن أخشى عليكم أن تبسط عليكم الدنيا كما بسطت على من كان قبلكم فتنافسوها كما تنافسوها، وتهلككم كما أهلكتهم" متفق عليه.

تلاعب التجار والمحتكرين بالسلع التي يحتاج إليها الناس؛ فبعضهم يقوم بتخزينها وإخفائها من أجل رفع ثمنها لتحصيل أكبر كسب ممكن، ويتضح ذلك خلال بعض المواسم، كدخول شهر رمضان وغيره، وهذا فيه إضرار بالناس، وخاصة الفقراء وأصحاب الحاجات، وهو -أيضاً- منهي عنه شرعاً قال -صلى الله عليه وسلم-: "لا ضرر ولا ضرار" رواه أحمد ومالك في الموطأ وصححه الألباني؛ ولأنه من الظلم الواضح البيّن الذي أمر الله باجتنابه، قال الله -تعالى- في الحديث القدسي: "يا عبادي، إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرماً فلا تظالموا" رواه مسلم.

فاحتكار السلع يحمل في طياته بذور الهلاك والدمار لما يسببه من ظلم وغلاءٍ في الأسعار، وإهدارٍ لتجارة المسلمين وصناعتهم، وتضييق لأبواب العمل والرزق، وهو نوعٌ من محبة الذات وتقديم النفس على الآخرين؛ ويؤدي إلى تضخُّم الأموال في طائفةٍ قليلةٍ من الناس، كما في قوله -تعالى-: (كَيْ لا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الأَغْنِيَاءِ مِنْكُمْ) [الحشر:7].

استدل الجمهور على حرمة الاحتكار بالكتاب والسنة والأثر والمعقول :

أما الكتاب : فقوله تعالى إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَيَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ الَّذِي جَعَلْنَاهُ لِلنَّاسِ سَوَاء الْعَاكِفُ فِيهِ وَالْبَادِ وَمَن يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ 

قال الإمام القرطبى عند تفسيره لهذه الآية :

روى عن يعلى بن أمية أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ( احتكار الطعام فى الحرم إلحاد فيه ) وقد فهم من هذا صاحب الاختيار الحنفى أن الآية أصل فى إفادة تحريم الاحتكار .

وفى إحياء علوم الدين للغزالى عند تفسيره لهذه الآية :

إن الاحتكار من الظلم وداخل تحته فى الوعيد .

وما ذهب إليه الغزالى فى بيان وجه الدلالة هو القول الراجح إذ أن مدلول الآية عام ويدخل تحت النهى كل من أراد محرماً ولا شك أم الاحتكار داخل تحت نطاق هذا العموم الشامل للاحتكار وغيره ، فإن قيل إن الآية نزلت بسبب غير النهى عن الاحتكار قلنا إن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب .

وأما السنة : فقد دلت أحاديث كثيرة فى السنة النبوية على تحريم الاحتكار ومنها :

1- ما روى عن سعيد بن المسيب عن معمر بن عبد الله العدوى أن النبى صلى الله عليه وسلم قال : ( لا يحتكر إلا خاطئ ) .

قال الإمام الشوكانى رحمة الله فى كتابه \" نيل الأوطار \" : والتصريح بأن المحتكر خاطئ كاف فى إفادة عدم الجواز لأن الخاطئ المذنب العاصى .

وقال الصنعانى رحمة الله : الخاطئ هو العاصى الآثم ، وفى الباب أحاديث دالة على تحريم الاحتكار .

2- ما روى عن معقل بن يسار قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( من دخل فى شئ من أسعار المسلمين ليغلبه عليهم كان حقاً على الله أن يقعده بعظم من النار يوم القيامة ) .

وجه الدلالة من الحديث :

دل هذا الحديث على معاقبة من يقدم على ذلك بمكان فى النار ، ولا يكون ذلك إلا لارتكابه المحرم .

3- ماروى عن أبى هريرة رضى الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( من احتكر حكرة يريد أن يغلى بها على المسلمين فهو خاطئ ) .

4- ما رواه ابن عمر رضى الله عنه أن النبى صلى الله عليه وسلم قال : ( من احتكر طعاماً أربعين ليلة فقد برئ من الله وبرئ الله منه ، وأيما أهل عرصة أصبح فيهم امرؤ جائعاً فقد برئت منهم ذمة الله ) .

5- ومنها ما رواه عمر رضى الله عنه أن النبى صلى الله عليه وسلم قال : ( من احتكر على المسلمين طعامهم ضربه الله بالجذام والإفلاس ) رواه ابن ماجة .

6- وعن عمر بن الخطاب رضى الله عنه أن النبى صلى الله عليه وسلم قال : ( الجالب مرزوق والمحتكر ملعون )

وجه الدلالة من هذه الأحاديث :

قال الإمام الشوكانى رحمة الله : ولا شك أن أحاديث الباب تنتهض بمجموعها للاستدلال على عدم جواز الاحتكار ، ولو فرض عدم ثبوت شئ منها فى الصحيح فكيف وحديث معمر مذكور فى صحيح مسلم ؟ ( نيل الأوطار جـ 5 ، صـ 267 ) .

وأما الأثر : فمنه :

1- ماروى عن عمر بن الخطاب رضى الله عنه أنه قال : \" لا حكرة فى سوقنا ، لا يعمد رجال بأيديهم فضول من أذهاب إلى رزق الله نزل بساحتنا فيحتكرونه علينا ، ولكن أيما جالب جلب على عمود كبده فى الشتاء والصيف ، فذلك ضيف عمر ، فليبع كيف شاء الله وليمسك كيف شاء الله \"

2- ما روى أن عثمان رضى الله عنه كان ينهى عن الحكرة .

3- ما روى عن على رضى الله عنه أنه قال : \" من احتكر الطعام أربعين يوماً قسا قلبه \" .

4- ما روى عن على رضى الله عنه أنه أحرق طعاماً محتكراً بالنار .

وجه الدلالة من هذه الآثار :

واضح من هذه الآثار النهى عن الحكرة ، والنهى يفيد التحريم ، ما لم تأت قرينة تصرفة إلى غير التحريم ، ولا قرينة فإن هذه الآثار تفيد ما أفادته الأحاديث السابقة .

وأم المعقول :

فقد حكاه الكاسانى بقوله : ولأن الاحتكار من باب الظلم لأن ما بيع فى المصر فقد تعلق به حق العامة ، فإذا امتنع المشترى عن بيعه عند شدة حاجتهم إليه فقد منعهم حقهم ، ومنع الحق عن المستحق ظلم وحرام ، يستوى فى ذلك قليل المدة وكثيرها ، لتحقق الظلم .

جاء في الأثر أن الناس في زمن الخليفة عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- جاءوا إليه وقالوا: نشتكي إليك غلاء اللحم فسعِّرْه لنا، فقال: أرْخِصُوهُ أنتم؟ فقالوا: نحن نشتكي غلاء السعر، واللحم عند الجزارين، ونحن أصحاب الحاجة، فتقول: أرخصوه أنتم! وهل نملكه حتى نرخصه؟ وكيف نرخصه وهو ليس في أيدينا؟ فقال قولته الرائعة: اتركوه لهم. فدلهم -رضي الله عنه- إلى طريقة سديدة لمعالجة سعر هذه السلعة وذلك بتركها، فهل يعي المسلمون ذلك ويتركوا ما غلا سعره إلى ما هو دونه كي يعلم هؤلاء المحتكرون أن الناس يمكنهم ترك سلعتهم فيرخصونها؟.

بل إن علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- يطرح بين أيدينا طريقة أخرى في مكافحة الغلاء وهي إرخاص السلعة عبر إبدالها بسلعة أخرى؛ فعن رزين بن الأعرج مولى لآل العباس قال: غلا علينا الزبيب بمكة فكتبنا إلى على بن أبى طالب بالكوفة أن الزبيب قد غلا علينا, فكتب أن أرخصوه بالتمر. أي: استبدلوه بشراء التمر الذي كان متوفرا في الحجاز وأسعاره رخيصة فيقل الطلب على الزبيب فيرخص، وإن لم يرخص فالتمر خير بديل، فانتبهوا -عباد الله- لتلك التوجيهات، فأنتم بيدكم بعض علاج مشكلة الغلاء واحتكار السلع، فإذا وجد التجار أن الناس زهدوا فيما عندهم من السلع الغالية أرخصوها وحرصوا على بيعها.

أقول قولي هذا واستغفر الله لي ولكم .

الخطبة الثانية:اسفل الصفحة 

1 إجابة واحدة

0 تصويتات
بواسطة (3.6مليون نقاط)
 
أفضل إجابة
الحمد لله على فضله وإحسانه، والشكر له على توفيقه وامتنانه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له تعظيماً لشأنه، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله خير رسله وأنبيائه، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه، ومن سار على نهجه إلى يوم الدين.

أما بعد: فاتقوا الله عباد الله، واعلموا أن التاجر الذي يرأف بالناس يرأف الله به، ومن يرحمهم يرحمه الله، ومَن يُيسر عليهم ييسر الله عليه، ومن صدق في بيعه وشرائه نال الأجر العظيم، والثواب الجزيل، ويكفيه شرفاً وفخراً أن ينال الجنة بفضل الله -تعالى- ورحمته، قال -صلى الله عليه وسلم-: "التاجر الصَّدُوقُ الأمين مع النبيين والصديقين والشهداء" رواه الترمذي، وصححه الألباني.

إن محبّة الخير للمسلمين أمرٌ أساس، وقد كان الواحد يحذر أن يزداد ربحه على حساب معاناة الآخرين، والتاجر المسلم يتحلّى بحسن النية، والرفق بالمسلمين، وتوفير الجيد لهم بالثمن المناسب لهم، وأن يكون أميناً. وقد خرج النبي -صلى الله عليه وسلم- إلى المصلى فرأى الناس يتبايعون، فقال: ((يا معشر التجار)). فاستجابوا لرسول الله -صلى الله عليه وسلم-، ورفعوا أعناقهم وأبصارهم إليه. فقال: ((إن التجار يبعثون يوم القيامة فجاراً، إلا من اتقى الله وبر وصدق))2. رواه الترمذي وهو حديث صحيح.

إنهم يجتنبون أكل أموال الناس بالباطل، ولا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيب نفس منه.

ولا يغشون، وقد مرّ النبي -صلى الله عليه وسلم- على صبرة طعام فأدخل يده فيها، فنالت أصابعه بللاً، فقال: ((ما هذا يا صاحب الطعام؟)) قال: أصابته السماء يا رسول الله، قال: ((أفلا جعلته فوق الطعام؛ كي يراه الناس؟، من غش فليس مني))3 التاجر المسلم لا يكذب ولا يحتال، وهذا اللحن في الكلام، وأنواع المخادعة في الدعايات والإعلانات والمسابقات التجارية، فيها كثير من الخداع للناس، وأكل أموالهم بالزور، ودفعهم إلى شراء ما لا يحتاجون.

ويكون هذا المشتري المسكين في النهاية هو الخاسر، ولا بد من التفقه قبل البيع والشراء كما قال عمر -رضي الله عنه: "لا يبع في سوقنا إلا من قد تفقّه في الدين"4. حديثٌ موقوفٌ حسن.

وينبغي أن يكون سمحاً في المعاملة، سمحاً في القضاء والاقتضاء، سمحاً في البيع والشراء. وقد قال عليه الصلاة والسلام: ((رحم الله رجلاً سمحاً إذا باع، وإذا اشترى، وإذا اقتضى)).5

وأن يكون سخياً بالصدقات، قحط الناس في زمن أبي بكر فقدمت لعثمان -رضي الله عنه- قافلة من ألف راحلة من البر والطعام. فغدا التجار عليه، فخرج إليهم فقال: ماذا تريدون؟ قالوا: بلغنا أنه قدم لك ألف راحلة براً وطعاماً، بعنا حتى نوسع على فقراء المدينة. فقال لهم: ادخلوا فدخلوا. فقال: كم تربحوني على شرائي؟ قالوا: العشرة اثنا عشر. قال: قد زادوني. قالوا: العشرة أربعة عشر. قال: قد زادوني. قالوا: العشر خمسة عشر. قال: قد زادوني. قالوا: من زادك ونحن تجار المدينة؟. قال: زادني بكل درهم عشرة عندكم زيادة؟. قالوا: لا. قال: فأشهدكم معشر التجار أنها صدقة على فقراء المدينة.

هكذا كان عثمان -رضي الله عنه- وابن عوف، وغيرهم من أغنياء التجار، يجودون على فقراء المسلمين، ولا يستغلّون مثل هذه الفرص؛ لكي يرفعوا الأسعار، ويحتكروا الأطعمة؛ ليبيعوا على الناس بالغلاء، إن الرفق بالمسلمين أمرٌ جدّ طيب، وإن الحرص على مصلحتهم أمرٌ جد حسن.

أين أخلاق الأمانة؟ جاء عن محمد بن المنكدر -رحمه الله- أنه كان له سلعٌ تباع بخمس وأخرى بعشرة، فباع غلامه في غيبته شيئاً من الخمسيات بعشرة، فلما عرف لم يزل يطلب ذلك المشتري طول النهار حتى وجده، فقال له: إن الغلام قد غلط فباعك ما يساوي خمسة بعشرة. فقال: يا هذا قد رضيت. قال: وإن رضيت فإنا لا نرضى لك إلا ما نرضاه لأنفسنا، فاختر إحدى ثلاث: إما أن تستعيد مالك وتعيد السلعة، وإما أن نرد إليك خمسة، وإما أن تأخذ بدلاً من سلعة الخمس سلعة العشر. فقال: أعطني خمسة. فرد عليه خمسة، وانصرف الأعرابي المشتري يسأل ويقول: من هذا الشيخ؟ فقيل له: هذا محمد بن المنكدر. فقال: لا إله إلا الله، هذا الذي نستسقي به في البوادي إذا قحطنا.

وكان أبو حنيفة -رحمه الله- بزازاً يبيع القماش، وكان عنده ثوبٌ فيه عيب، فجعله جانباً، فجاء خادمه في غيبته فباع الثوب المعيب بقيمته كما لو كان سليماً، فلما جاء الإمام إلى محله وسأل عن ذلك الثوب قال الغلام: بعته. قال: بكم؟. قال: بكذا –أي: بسعر السليم-. قال: هل أطلعت المشتري على العيب الذي فيه؟. قال: لا. فتصدق بقيمة الثوب كله.

اللهم احفظ بلادنا من كل مكروه وسؤء .

واقم الصلاة .

اسئلة متعلقة

مرحبًا بك إلى موقع مدينة العلم، حيث يمكنك طرح الأسئلة وانتظار الإجابة عليها من المستخدمين الآخرين.
...