0 تصويتات
في تصنيف مناهج دراسية بواسطة (3.7مليون نقاط)

الفصل السابع

شرح وتحليل درس اللغة الايقاعية، الإيقاع في شعره

يسعدنا زيارتكم في موقعنا مدينة الـعـلـم الذي يقدم افضل المعلومات النموذجية والاجابة الصحيحة للسؤال التالي 

شرح وتحليل درس اللغة الايقاعية، الإيقاع في شعره

مفتتح الفصل 

اللغة الإيقاعية

إنَّ لغة الشعر لغة موسيقية زاخرة بالنغم الذي يعد جزءاً من مكوناتها المتآزرة مع التعبير اللغوي، فالألفاظ تتواكب في وحدات ترنيمية ملحنة في سياق إيقاعي يعمل على اشباع رغبات وحاجات وجدانية عميقة تجذب الآخرين إليه، والأبيات الشعرية تتعاقب وتشع منها أصوات موسيقية تطرب لها الأذن، وصدور الأبيات في عدد وحداتها الصوتية متساوقة مع اعجازها في عدد وحداتها الصوتية بطريقة مرتبة، اما المقطع الصوتي المتمثل بالقافية، فهو القرار الأخير لنغم البيت .

ومن هذا كله تتكون عملية بناء هيكل هندسة القصيدة العربية من الوزن والقافية التي يحتويها البيت، ويتمثل الإيقاع فيها بضربات منظمة ومتناسقة لوزن التفعيلة الداخلية ذات الذبذبات المتوافقة لانفعالات الشاعر التي يمر بها وهو يقوم ببناء فكرته بانتقاء ألفاظ دقيقة تعبر عن مشاعره واحاسيسه وخلجاته المتوائمة مع موسيقى الألفاظ والمتشكلة مع الأبيات الأخرى، فتقوم الموسيقى التعبيرية الشعرية «بدور المساعد للعبارة اللغوية على تحقيق الغاية من التأثير ونقل المشاعر والاحاسيس» (1) بطريقة موحية إلى المتلقي، فالإيقاع بناء كيان متلاحم متكامل يقوم على جمع صياغة الألفاظ والعبارات المتلونة بالايحاء النفسي من ارتفاع وانخفاض، فيصدر لحنا فنيا متناسقا له اثره الخلاب في شد المتلقي بسبب تدفقات النغم الشعري المتولد من الترانيم الملحنة المتساوقة مع موقف الحياة، والمصور للشعور والاحساس منظمة في عمل فني متقن.

على اننا لا نغفل عن أن اختيار الشاعر الموسيقى من الوزن والقافية يبقى اختيارا عفويا منضبطا مبنيا على ما يمتلكه من خزين ثقافي يتيح له تلك الاختيارات التلقائية، وإحساس الشاعر بها لحظة انجاز عمله الابداعي الشعري تعتمده الأذن الموسيقية في اختيارها، ومقتضى طبيعة التجربة الشعرية.

 

● أولاً: الوزن:

الوزن: هو تردد الوحدات الصوتية المتشكلة في التفعيلة التي يرمز لها بالمتحرك والساكن (/5)، وتمنح التفعلية القصيدة جمال نظام هيكلها في كل بيت من أبياتها المتكررة، ويعزف الشاعر على اوتار أصوات انغام التفعيلة في البناء الصوتي الداخلي للقصيدة في الحروف المتناغمة والمؤلفة بوسائل فنية محاولة منه لتطبيق هندسة عقلية متولدة من انفعالاته المحدودة بقالب الوزن الذي تصدح منه حدَّة نبرته الصوتية، فتكاد تعلو على الوزن العروضي، ولا ندركها إلا بقراءة الشعر بصورة مسموعة، فهو إيقاع باطني سحري يستوعب تجربته الشاعر ايا كان نوعها، وفي الوقت نفسه تكون تفعيلة الوزن خاضعة لسيطرته فتنتظم بأنغام موسيقية محكمة الترتيب في البيت تستثير عناية المتلقي بهذا النظام المتناسق للجمل الموسيقية

وتعد أوزان الشعر الستة عشر الذي ضمها الشعر العربي في قوالب هيكلية شعرية بحرا دافقا يغترف منه الشاعر ما يريده بحسب التصاق تجربته الشعرية، ليمنحها ذاتها الفنية، ولايخفى أن انتقاء الشاعر هذا البحر الشعري، أو ذلك يأتي بصورة عفوية؛ لأن الشاعر القديم لا يعرف طبيعة البحور؛ وأوزانها وقوافيها، لأنَّ ملاذه في هذه العملية الاختيارية الموهبة الشعرية الفطرية، والأُذن الموسيقية(2)، وانتقى أبو طالب من الدوائر الوهمية لأوزان الشعر العربي بفطرته ما يتلاءم مع عاطفته وحالته الشعورية والنفسية المستوعبة لتجربته الآنية وذوقه الفطري الذي ينأى عن تحديد الإيقاع، والقوالب التي تنظم الشعر، وكما هو مبين في الجدول رقم(1) بحسب الكم.

جدول احصائي رقم (1)

لعدد الأوزان، وعدد القصائد، والمقطوعات، والاراجيز، والنسبة المئوية

التسلسل

البحر

عدد القصائد والمقطوعات

النسبة المئوية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

الطويل

الكامل

البسيط

الرجز

الوافر

المتقارب

الخفيف

السريع

الرمل

المنسرح

45

15

10

10

8

6

6

2

1

1

85/42

28/14

52/9

52/9

61/7

71/5

71/5

90/1

95/0

95/0

المجموع

105

أفرز الاحصاء نتائج استثمار أبي طالب لبحور الشعر العربي، فقد نظم في أكثرها بمختلف فنونه الشعرية الدالة على جودة طبعه وقوته، فإحساسه الفني الدقيق دفعه إلى براعة النظم بها، فكان من نتاج هذا الامر تنوع الإيقاع بمختلف طبقاته ونغماته الموسيقية التي اتاحت له اثراء تجاربه الشعرية المتباينة والمتوائمة مع الألفاظ ضمن تراكيبها السياقية التي احتوتها الاطر الفنية بجمل موسيقية تتدفق منها انفعالات نفسية بالوان مختلفة، وقد احتل البحر الطويل الصدارة في نظم قصائد أبي طالب ومقطوعاته الشعرية، فبلغت نسبتها (85، 42 %) من بقية البحور المستعملة، وبحر الطويل بحر شائع، فقد نظم فيه ما يقارب ثلث الشعر العربي(3)، ويعود ذلك إلى أنه ينماز بانه ذو «بهاء وقوة» (4) في ذبذباته الموسيقية، وذو امكانات متسعة تتيح للشاعر ان ينظم في شتى الموضوعات التي تحتاج الى طول النفس؛ لأنَّه سخي النغم يضم ثمانية واربعين صوتا، يعطي الشاعر الحرية في التصرف بالتعبير عما يجول في ذهنه بهذا القالب الإيقاعي، واستثمر أبو طالب البحر الطويل الذي منح إحساساً موسيقياً للقصيدة المتظافرة مع عناصر المحتوى: الألفاظ والتراكيب التي تكون الشكل، والمتلاحمة مع عناصر الصورة: المعاني والافكار التي تكون المضمون، فمنحت الامكانات الفنية في تشكيل إيقاع مكثف، وهو يتوقد فيه صوت الفخر، والحماسة،والعتاب، والرثاء، والمديح وموضوعات أُخرى تتعلق بالنصرة الى اخره(5).

ويحتل البحر الكامل المرتبة الثانية في ترتيب القصائد والمقطوعات في شعر أبي طالب، اذ بلغت نسبته (28، 14%) وللبحر الكامل «جزالة وحسن اطراد» (6) في نغماته الإيقاعية المنسابة بدفق، لابانة مواقف الحياة التي يمر أبو طالب بها موجها وناصحا، أو باديا لرأي في قضية معينة(7) .

واحتلت الأبحر «البسيط، والرجز، والوافر، والمتقارب، والخفيف، والسريع، والرمل، والمنسرح» المرتبة الثالثة، فقد بلغت نسبتها (52،9%) ولكل بحر منها مزاياه الخاصة حيث يعزف الشاعر انغام تجربته الشعرية المصورة للنسيج اللغوي في موجات صوتية هادئة، أو عالية تبعا لتلون انفعالاته الخاصة بظرفها الذي يعتري الشاعر ساعة نظم ابداع عمله الشعري، وقد انتقينا من هذه المجموعة للابحر الشعرية، البحرين: الرجز والمنسرح، فالرجز هو الذي يرتجل ارتجالا مباشرا في مواقف الحياة اليومية وملابستها المختلفة(8)، ويبدو أن هذا اللون من الإيقاع يتناسب مع مناسبات الحياة المتباينة لتوافر النغم المقترن بالجمل الموسيقية التي تشكل التفعيلة المتدفقة باثر انفعالات الشاعر المصورة للحركة الدائبة للحياة في تلوين اجزائه، وصقل محتوياته،واثرائه بالصور في محاكاة الاحداث اليومية.

وقدم أبو طالب انجازا صعبا في استعماله البحر المنسرح الذي «عليه بعض اضطراب وتقلقل، وان كان الكلام فيه جزلا» (9) فتفعيلاته مركبة، فقد استوعب بحر المنسرح تجربة الشاعر في بث ما ينشده في عرض موضوعه من الحث على النصرة وتهديد الخصم وتوعيده(10).

ونأى أبو طالب عن استعمال البحور: المضارع والمقتضب والمجتث والمتدارك، فلم ينظم فيها، وهي من البحور المهملة، لم يقل بها الشعراء القدامى(11)، وبهذا كله ارتسم أبو طالب طريقا موازيا لشعراء قبله ومعاصريه، فلم يخرج على المعايير الوزنية لموسيقى الشعر العربي، وانتقاء أبي طالب هذا الوزن أو ذاك كان بدافع الحال الشعورية التي حددت اختيار الوزن في احداث الفعل المؤثر ليصل الى العقول والقلوب على السواء، وهذا لا يتم إلا إذا كان الإيقاع على درجة قوية من التأثير والنفاذ وهو يحشد فيه كثيراً من التفاصيل والجزئيات في استثمار التلون الصوتي المؤثر والتصوير الفني الدقيق ومكونات اللغة الفنية التي تستلزم الاتقان المتأني إلى جانب صدق العاطفة وقوتها المنسكبة في بنية الإيقاع.

 

● ثانيا: القافية:

هي الجزء المكمل لإيقاع البيت الشعري،وهي الدفقة التي تمنحه وظيفة جمالية بترديدها في آخر الأبيات بوصفها اخر مظهر من مظاهر الإيقاع في البيت الشعري إذ يصل الإيقاع إلى مداه فيها بما توفره من انسجام صوتي بين حروفها تلك الحروف التي يشكل الروي والردف والتأسيس أبرز مظاهرها، فتشترك مع إيقاع البيت وتتجاوب معه في النسق العام، والإيقاع الشعري لا يمكن أن يحصر الشحنات الوجدانية للشاعر ما لم تتفق القافية معه، فهما المنظمان لانفعالاته ولاسيما القافية، بيد أنَّها لا تحول دون انطلاق الاحاسيس والعواطف ضمن المعاني والافكار التي تنتظمها، والألفاظ والتراكيب الفنية عندما تتشكل مقومات العمل الشعري، أو تقيدها، وانما هي الضابط الذي يحصر الشاعر ساعيا في تنظيم المكونات الشعرية إلى آخر وحدة موسيقية في البيت، ثم يعود لتنظيمها، في البيت الآتي بعده وهلم جرّا؛ لأن هذه المقومات الشعرية ممتدة إلى آخر القصيدة، أو المقطوعة بنظام فني متلاحم ينساق الشاعر وراءه ليشكل خطا لابداعه الشعري لا خيار له في سواه

2 إجابة

0 تصويتات
بواسطة (3.7مليون نقاط)
 
أفضل إجابة
شرح وتحليل درس اللغة الايقاعية، الإيقاع في شعره
0 تصويتات
بواسطة
البنيه الفنيه

اسئلة متعلقة

مرحبًا بك إلى موقع مدينة العلم، حيث يمكنك طرح الأسئلة وانتظار الإجابة عليها من المستخدمين الآخرين.
...