0 تصويتات
في تصنيف مناهج دراسية بواسطة (3.4مليون نقاط)

خطبة حول صلة الرحم.

يسعدنا زيارتكم في موقعنا مدينة الـعـلـم الذي يقدم افضل المعلومات النموذجية والاجابة الصحيحة للسؤال التالي 

خطبة حول صلة الرحم

الخطبة الأولى: أما بعد: أيّها المسلمون: إنّ من أعظم الجرائم إفسادا في الأرض -والتي ابتُلِيَ بها كثيرٌ من النّاس في زمننا هذا-: جريمة قطع الأرحام، لذا يقول ربّنا -جلّ وعلا- مُحذّرا عباده: ((فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ * أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ)). مِنَ الإفسادِ في الأرض قطعُ ما أمَرَ اللهُ به أن يُوصَل، فالرّحِمُ أمرُها عظيم، لذا اشتقّ لها ربّنا -سبحانه وتعالى- اسمًا من اسمه، بل ثبتَ في السُّنّة أنّه -جلّ وعلا- خاطبَ الرّحم بقوله: "أمَا تَرضَينَ أن أقطعَ مَن قطعَك وأصلَ مَن وصَلك" [البخاري] فإذا أردنا الصّلة من المولى -جلّ جلاله-، فعلينا أن نَعلَمَ أنّ لنا أرحاما تجبُ علينا صِلَتُهُم بحسب القُدرة والاستطاعة: فنصِلُهُم بالزّيارة، وحُسن الكلام، واللّين واللّطف، والصّلة بالمال، والنّفع بالجاه، ونحو ذلك من أنواع الصّلة.

ولكن -أيّها المُسلمون -ومع اتّساع رُقعة الفساد في المُجتمع، ومع ذيوع الشّرّ وانتشار وسائله في كثير من البيوت، سقط كثيرٌ من الأقارب في هاوية الرّذيلة؛ ونال كثيرا من الأقارب ما نالَهم من الجُرأة على المُنكرات.

فتجدُ المُسلم الذي يُريدُ أن يُحافظ على نفسه وعلى أولاده وعلى أهله، تجدُه يَبْنِي من جهة، ليُخرِّبَ آخرون من الجهة الأخرى، ومن هم أولئك الآخرون؟، للأسف.. في كثير من الأحيان يكونون من أقاربه هو أو من أقارب زوجته. فيجدُ نفسَه مُخيّرا بين فسادين: فسادُ قطع الصّلة، أو فسادُ الأولاد بسبب هذه الصّلة. فكيف يتعاملُ معهم إذا وصل الأذى إلى نفسه وأولاده وزوجته؟، وما هو الحلّ؟.

عباد الله: اليوم كثيرٌ من البيوت تَحدُثُ فيها مُخالطةٌ بين الأقارب ذكورا وإناثا بلا أيّ قيد عُرفيّ ولا ضابط شرعيّ، فابن العمّ يقابل ابنة عمّه ويُجالسها ويُصاحبُها، الكلّ يٌجالسٌ الكلّ، فلا أجنبيّ ما دامت هناك قرابة.

وإنّنا أمام واقعٍ مؤلمٍ في الحقيقة، فقد وَصَلَ الأمرُ بأن يشتكي البعضُ من جرائم التّحرش التي أصبحت تقع حتّى على مُستوى الأقارب، وهذا أمرٌ متوقع، خصوصًا مع عملية التّساهل والتّهتّك الموجودة في الملابس. لباسُ البنات ولو كنّ صغيرات يجبُ أن يُنتبه له -أيّها المسلمون-، فنحنُ في مُجتمع مَرضَت فيه القلوب وانتَكسَت فيه الفِطَر، فما عادت الصّغيرة فيه لا يُؤبَهُ لها، فالتّيّقّظُ مطلوبٌ، والتّأكيد على قضيّة لباس البنات حتّى أمام المحارم أمرٌ مُهمّ جدًا، لذا قال نبيّنا -عليه الصّلاة والسّلام- حتّى في شأن الأخ الصّغير مع أخته الصّغيرة: "وفرّقوا بينهم في المضاجع" وهم أبناء عشر سنين. رغم أنّهم صغار!، ورغم أنّها أخته!، ومع ذلك قال: "فرّقوا بينهم في المضاجع"!، كلّ ذلك وقايةً وتحصينًا وتربيةً منذ الصّغر على الفضيلة، والبُعد بهم عن كلّ شرّ ورذيلة. اليوم كثيرٌ من البيوت فيها تلفّظ بألفاظ الفاحشة والرّذيلة، فيها إدمانٌ على السّبّ والشّتم بشكل عجيب. فقد تُعَوّدُ أولَادَكَ على حُسن الكلام وتعظُهم وتُوَجّهُهم، وقد تُحاربُ الشّناعات من الألفاظ في بيتك. وتُعلّمُهم بأنّه ما كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فاحشًا ولا مُتفحشًا، ثمّ يُخالطُ الأولادُ بعضّ أقاربهم فينسِفُونَ كلّ ما سَبَق.

بل قد تتفاجأ بابنٍ لكَ يُدخّن، تسألُهُ: من الذي علّمك؟، فإذا به تعلّمه من قريب له. وإذا نجا الولد من فعل التّدخين، فإنّه لا ينجو من التّدخين السّلبيّ بمُجالسة القريب المُدخّن، وقد أثبتت الأبحاثُ الطّبيّة ضرر هذا النوع من التّدخين على النّفوس والأجساد.

عباد الله: كثيرٌ من النّاس أصبح يشكو من قريبٍ آذاه بالسّحر، أو بالسّرقة، أو بالتّخبيب والسّعي في الإفساد بينه وبين زوجته، أو بينها وبين زوجها. معاركُ حاميةُ الوطيس تدورُ داخل العوائل اليوم للأسف، حتّى صار بعض النّاس -فِعلًا- يهرُبُون من أقاربهم، حتّى صرنا في حالٍ نحتاجُ فيه إلى الانتقاء حتّى من بين الأقارب: نَدخُلُ بَيْتَ من؟، ولا نَدخُلُ بَيْتَ من؟. ونسمحُ لمن بالدّخول إلى بُيُوتنا؟، ولا نسمحُ لمن؟. نسأل الله سبحانه وتعالى أن يَقيَنا الشّرور كلّها، وأن يُبصّرَنَا بعيُوبنا، وأن يَقيَنا شرور أنفسنا وشرور غيرنا، إنّه سميع مجيب.

أقول ما سمعتم..

الخطبة الثانية: عباد الله: إنّ غضّ الطّرف عن كلّ ما سبق ذكرُه، دون إحداث أيّ تغيير ولا حتّى كلام بداعي المُحافظة على الصّلة والقرابة، هو أمرٌ مرفوضٌ شَرعًا وغيرُ مقبولٍ عَقلًا، فقد قال ربّنا -جلّ وعلا- في حقّ أقرب الأقربين -الأب والأم-: ((وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا))، فلا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، لكن.. الصّحبة بالمعروف تبقى، والمُحافظة عليها ما أمكن دون ضرر أمر واجب.

عباد الله: يَحِقُّ للمُسلم إذا وجد شرًا من قريب مُعيّن -وخشيَ على نفسه أو زوجته أو أولاده- أن يوقف الأمور عند حدّها، وهذه قضية واضحة جدًا شرعًا ومعلومة عقلًا، فقد يمنعُه من دخول بيته، وقد يمنع أهله وأولاده من الذّهاب إليهم، وعدم تلقي مكالماته إذا صار الشّرّ ينقل بالمكالمات.

وبالمُقابل.. هو مطالبٌ أيضا بالنّصح لهذا القريب الذي يخاف شرّه، انطلاقا من قول الله تعالى: ((وَعِظْهُمْ وَقُلْ لَهُمْ فِي أَنْفُسِهِمْ قَوْلًا بَلِيغًا))، نصيحةٌ مؤثرةٌ على انفراد قد تُغيّرُهُ للأفضل، نصيحةٌ فيها حكمةٌ وفيها وضوح، ولكنها مشوبة بالمحبّة لأجل تلك القرابة. فنحن في زمن كثرت فيه الفتن، إننّا في زمن نحن مطالبون فيه ببذل الجهد مع زوجاتنا وأولادنا من الذّكور والإناث؛ نعلّمُهم، ونوجّهُهُم، ونُؤسّس فيهم القواعد التي تقاوم -ولو مقاومة جزئيّة- ما ينتشر عن طريق الفساد اليوم.

علينا أن نُربّيَ في أنفسنا -أوّلا- ثمّ في أنفسهم مُراقبة الله والخوف من الله، فإنّ التربية بالقُدوة قبل أن تكونَ بالنّصائح والكلام .

هذا وصلوا وسلموا...

1 إجابة واحدة

0 تصويتات
بواسطة (3.4مليون نقاط)
 
أفضل إجابة
ما خطبة حول صلة الرحم

اسئلة متعلقة

0 تصويتات
1 إجابة
0 تصويتات
1 إجابة
0 تصويتات
1 إجابة
سُئل نوفمبر 14، 2023 في تصنيف منوعات بواسطة madeilm (3.4مليون نقاط)
0 تصويتات
1 إجابة
سُئل سبتمبر 28، 2020 في تصنيف مناهج دراسية بواسطة مجهول
مرحبًا بك إلى موقع مدينة العلم، حيث يمكنك طرح الأسئلة وانتظار الإجابة عليها من المستخدمين الآخرين.
...