خطبة الجمعه بعنوان ميراث المرأة في الإسلام (خطبة مفرغة)
الصفحة الرئيسة / الخطب والمحاضرات / خطب اجتماعية / ميراث المرأة في الإسلام (خطبة مفرغة)
نتكلم اليوم عن موضوع ميراث المرأة في الإسلام ؛ هذه القضية التي عادت مرة أخرى لتطفو على السطح وكثر الكلام والجدال حولها .خطبة الجمعه بعنوان ميراث المرأة في الإسلام (خطبة مفرغة)
وحينما نريد أن نتكلم عن هذا الموضوع لا أرمي إلى أبعاد سياسية أو بروباجندا إعلامية أو ما شابه ذلك ، إنما أريد أن يفهم المسلم دينه ،وأريد للمسلمة أن تعرف حكمة الله تعالى في التشريع ، لأن فتنة الشبهات من الفتن التي تدخل على القلوب فتضرّ بها ، والهدف من هذه الفتن المتتالية بالعزف على نبرة الشبهات هو تشكيك المسلم في دينه ، وزعزعة ما استقر عنده واعتقده وصار من الثوابت في الدين مثل الإيمان بالقرآن كلام الله عز وجل ، وبما جاء به نبينا المصطفى الكريم -صلى الله عليه وسلم-
بداية نقعد قواعد نتفق عليها :
القاعدة الأولى / معنى الإسلام لله :
أنا كمسلم معنى إسلامي لله استسلامي لأمر الله فكل ما يقوله الله هو أمر يجب أن نقول بعده سمعنا وأطعنا ،فالله يقول أمرت والعبد يقول أطعت ، قال تعالى : -( إنما كان قول المؤمنين إذا دعوا إلى الله ورسوله ليحكم بينهم أن يقولوا سمعنا وأطعنا وأولئك هم المفلحون ومن يطع الله ورسوله ويخش الله ويتقه فأولئك هم الفائزون )- [النور51 /52]
وبين الله جل وعلا أنه لا يتم إيمان عبد حتى يستسلم لله في أمره وحكمه فقال سبحانه وتعالى : -( فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما )- [النساء/65]
شجر بينهم : ما يحدث بينهم من خلاف أو نزاع .
ويسلموا تسليما : أي ينقادوا انقيادا تاما .
القاعدة الثانية / رضينا بالله ربا:
أن استسلامنا لأمر الله سبحانه وتعالى إنما يأتي تبعا لإيماننا به فنحن قد رضينا بالله ربا ، رضينا به آمرا ،رضينا به حاكما ، رضينا به مشرعا ، هذا هوما يعتقده المسلم .
وهناك آليات عند الفقهاء لفهم النصوص تعتمد على فهم النص ودلالة النص ،فإذا كان النص قطعي الثبوت – والقرآن الكريم كله قطعي الثبوت يعني لا شك ولا ظن في آية واحدة – إذا كان النص قطعي الثبوت قطعي الدلالة ؛ فهنا لا مجال فيه للاجتهاد أو إعمال العقل لتأويله.
قطعي الدلالة يعنى آية محكمة واضحة كقول الله تعالى : -( يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين )- [النساء/11] آية واضحة محكمة لا تتغير دلالتها بتغير الزمان والمكان والأحوال ، إنما هي ثابتة في كل زمان ومكان وحال ، فلا نعمل عقولنا في اجتهاد أو تجديد جديد للآيات المحكمات والثوابت ، إنما الاجتهاد يكون في الفروع لا الأصول، في الظنيات لا القطعيات ، وهذه مسائل يطول الكلام فيها ، لكن أقول : إن آيات المواريث في سورة النساء محكمة واضحة دلالتها قطعية لا مجال لردها ولا الاجتهاد في ردها ، ولا تتغير بتغير أحوال الناس ، أو بتغير الزمان .
القاعدة الثالثة / لا يخلو تشريع لله من حكمة :
المسلم حينما يستسلم لأمر الله ويؤمن بآياته المحكمة وأوامره ، فإنه لا بأس بأن نعمل عقولنا في فهم مراد الله أو الحكمة التشريعية من أمر الله سبحانه وتعالى ، وهذا أمر من الأمور التي تميزت بها شريعتنا – والحمد لله -أن أغلب الأحكام التشريعية في العلاقات بين الناس فيها من الأسرار والحكم ما علمنا الله إياه، وأطلعنا عليه سواء في كتابه أو على لسان نبيه، أو من خلال فهم علمائنا الأجلاء ، وهذا ما نريد أن نحيط به علما في هذا اللقاء (أقصد الحكمة التشريعية في تقسيم الميراث) وسأرجع لهذه النقطة بعد قليل .
القاعدة الرابعة / طاعة أولي الأمر ليست مطلقة :
على المسلم طاعة الله وطاعة رسوله، ثم طاعة من يلتزم بطاعتهما من أولي الأمر ،فلا طاعة في معصية الله ورسوله ، أعيد مرة أخرى ، على المسلم طاعة الله ورسوله، ثم طاعة من يلتزم بطاعتهما من أولي الأمر ، لكن لا طاعة لمن عصى الله ورسوله قال تعالى : -( يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم)- [النساء/59] لم يقل وأطيعوا أولي الأمر منكم لأن طاعة أولي الأمر مستمدة من طاعة الله ورسوله ؛ بمعنى أنهم إذا عصوا الله ورسوله انتفت هنا الطاعة ، ولذلك لما بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم سرية، واستعمل عليهم رجلاً من الأنصار، فلما خرجوا وجد عليهم في شيء، فقال لهم: أليس قد أمركم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تطيعوني؟ قالوا: بلى، قال: اجمعوا لي حطباً. ثم دعا بنار فأضرمها فيه، ثم قال: عزمت عليكم لتدخلنها، فهم القوم أن يدخلوها، فألهم الله أحدهم أن يقول: إنما فررتم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من النار، فلا تعجلوا حتى تلقوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبروه، فقال لهم رسول الله لما أخبروه: “لو دخلتموها ما خرجتم منها أبداً؛ إنما الطاعة في المعروف”
فولي الأمر ليس بإله ولا نصف إله ولا نبي معصوم ولا ملك ؛ إنما هو بشر له رؤيته الخاصة به كبشر فهو يصيب ويخطئ ، ليس معنى أنه تولى الرئاسة أو الحكم أنه صار الملهم العبقري الموهوب المعصوم ، الذي يفهم في كل صغيرة وكبيرة ، هذه عقلية الزعماء العرب ، ليس هناك بشر خلقه الله يفهم في كل شئ، ويصيب دائما ولا يخطئ في شئ ، هكذا خلقنا الله نصيب ونخطئ ، فإذا أصاب ولي الأمر نقول له أصبت ولك منا الطاعة ، وإذا أخطأ نقول له أخطأت ولك منا التقويم .
أبو بكر الصديق -رضي الله عنه- في أول خطبة سياسية له قال : “أما بعد أيها الناس فإني قد وليت عليكم ولست بخيركم، فإن أحسنت فأعينوني، وإن أسأت فقوموني،أطيعوني ما أطعت الله ورسوله، فإذا عصيت الله ورسوله فلا طاعة لي عليكم”.
وقال عمر يوما : “من رأى منكم فيّ اعوجاجاً فليقومه”، فقام له رجل وقال: والله لو رأينا فيك اعوجاجاً لقومناه بسيوفنا، وهذه كلمة فيها غلظة وخشونة ، لكن لما هم به بعض الناس قال عمر: “لا خير فيكم إن لم تقولوها ولا خير فينا إن لم نسمعها”
قضية الميراث كيف نفهمها ؟
أولا /حينما تنظر إلى تشريع بشري فهذا التشريع البشري يحمل في طياته صفات البشر الذين وضعوه ، والبشر كما قلنا ليس عندهم إحاطة بكل شئ وتفاصيل كل شئ ، وربما تجد في تشريعاتهم مرجعية معينة ، وأنتم تعلمون الحكومات والأحزاب المتعاقبة هذه رأسمالية وهذه اشتراكية ، وهذه استبدادية ، وهذه ملكية ، قوانين تحمل صفة من يتولى صناعتها أو صياغتها ، فتجد قوانين تخدم الرأسمالية، قوانين تخدم الاشتراكية ، قوانين تخدم الاستبداد ،وكل هذا موجود في دول العالم ، في كل القوانين، ومن يدرس القانون يعرف هذه الأمور كلها بدون جهد كبير ، فليس معنى أن بشرا عنده رؤية معينة أو مرجعية أو كما يسمونها “أيدلوجية” معينة أنها هي تنزيل من حكيم حميد ، أبدا هذه تحمل صفاتك كبشر ربما فيها النفعية ، ربما فيها الاستبداد،ربما فيها القصور ،ربما فيها الضعف ، تحتاج إلى تغيير أو تعديل ، ولذلك كلما رأينا قانونا يصدر من حكومة ، تأتي حكومة أخرى مخالفة في الايدلوجية فتعدل القانون أو تلغيه ، أو ترسي قانونا جديدا ، هذا كله معلوم لدينا ؟
إذن فدين الله ليس ألعوبة للحكومات والأفكار والأيدلوجيات ، إذا كان الحاكم خلفيته كذا ، إذن سيكون القانون كذا ، كما كانوا يقولون قديما : “الاشتراكية والإسلام “
إذا كان هوى الحاكم في الاتجاه الفلاني فنحن معه ونأتي بالآيات والأحاديث التي تدلل على عبقرية صاحبنا مثلا ، كلا ، فهذه مسألة مهمة جدا ، شرع الحكيم الخبير جاء لمصلحة العباد ومنفعتهم ، تشريع الله سبحانه وتعالى ، أوامر الله ، أقدار الله ، لا تخلو من حكمة ، كل أمر إلهي أمرنا الله تعالى به ، كل نهي نهانا الله عنه ، كل أمر تشريعي ، كل أمر قدره الله لك في حياتك لا يخلو من حكمة ، ليس هناك شيء عبث ، تنزه الله عن العبث ، تنزه الله عن اللعب والنقص ؛ فكل أوامره ونواهيه وتشريعاته لا تخلو عن الحكمة ، علمها من علمها وجهلها من جهلها
باقي تكملة الخطبة اسفل الصفحة الرئيسية ⬇️ .
.