خطبــــــــــــــــــــة بعنوان
خطبة الجمعة بعنوان العمل الصالح وثمراته في الدنيا والآخرة،
الخطبة الثانية اسفل الصفحة ⬇️
الخطبة الأولى
أما بعد: إخوة الإسلام، حديثنا اليوم عن العمل الصالح وثمراته في الدنيا والآخرة، فما العمل الصالح؟ وما شروطه؟ وما ثمرته في الدنيا والآخرة؟ أعيروني القلوب والأسماع أيها الإخوة الأحباب.
أولًا: تعريف العمل الصالح:
العمل الصالح هو كل ما يرضاه الله تعالى من أقوال أو أعمال، فالعمل الصالح يشمل أعمال القلوب وأعمال الجوارح، فيدخل فيه دخولًا أوليًّا أعظم أعمال القلوب من التوحيد لله سبحانه وتعالى والخوف منه، والإنابة إليه والتوكل عليه، والرجاء فيه والتعلق به، فكل ذلك من العمل الصالح، بل هو من أساس العمل الصالح، كما يدخل في ذلك أعمال الجوارح كلها؛ فالأقدام تنتصب قيامًا في الصلاة، والجباه تخر سجودًا فيها، والأيدي تتحرك إنفاقًا، ونحو ذلك من كل ما هو متصل بالجوارح من اللسان والعين والأذن، كلٌّ بما فيه مما وردت به أنواع العبادات المختلفة، بل إن شمول هذا العمل الصالح يتجاوز الحياة الدنيا كلها إلى ما وراءها؛ عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، وعلم ينتفع به، وولد صالح يدعو له))[1] ؛ فالعمل الصالح الذي تعمله يستمر أثره وأجره على هذا النحو المذكور في هذا الحديث.
ثانيًا: شروط العمل الصالح:
اعلم أيها المبارك أن العمل الصالح هو ما توافرت فيه شروط بيَّنها الله تعالى في كتابه وأخبرنا بها نبيه صلى الله عليه وسلم في سنته؛ وإليك بيانها:
الشرط الأول: الإسلام: وهو الإقرار لله تعالى بالوحدانية ولنبيه صلى الله عليه وسلم بالرسالة؛ لذا فالكفار لا قيمة لأعمالهم في الآخرة، وإن كانوا يجازَون عليها في الدنيا؛ قال الله تعالى: ﴿ مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لَا يُبْخَسُونَ * أُولَئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الآخرة إِلَّا النَّارُ وَحَبِطَ مَا صَنَعُوا فِيهَا وَبَاطِلٌ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾ [هود: 15، 16]؛ أي: مَن كان كل حظه من وجوده التمتع بلذات هذه الحياة الأولى، التي هي أدنى الحياتين اللتين خُلق لهما؛ وهي: الطعام، والشراب، والوقاع، وزينتها من اللباس، والأثاث، والرياش، والأولاد، والأموال، لا يريد مع ذلك استعدادًا للحياة الآخرة ولقاء الله تعالى بالبر والإحسان، وتزكية النفس بباعث الإيمان - ﴿ نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا ﴾؛ أي: نؤدِّ إليهم ثمرات أعمالهم التي يعملونها وافية تامة، بحسب سنتنا في الأسباب والمسببات ونظام الأقدار[2]، فهم يأخذون في الدنيا أجورهم غير منقوصة؛ من شهرة ومال وذِكْرٍ، أما في الآخرة فليس لهم إلا النار؛ لأنهم لم يعملوا تلك الأعمال من أجل الله تعالى؛ فعن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: ((قلتُ: يا رسول الله، ابن جُدْعانَ كان في الجاهلية يصل الرحم ويطعم المسكين، فهل ذاك نافعه؟ قال: لا ينفعه؛ إنه لم يقل يومًا: ربِّ اغفر لي خطيئتي يوم الدين))[3].
قال القاضي عياض رحمه الله تعالى: "وقد انعقد الإجماع على أن الكفار لا تنفعهم أعمالهم، ولا يثابون عليها بنعيم ولا تخفيف عذاب، لكن بعضهم أشد عذابًا من بعض بحسب جرائمهم"؛ ا.هـ، وقال تعالى: ﴿ وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورًا ﴾ [الفرقان: 23]، وقال جل شأنه: ﴿ وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَعْمَالُهُمْ كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مَاءً حَتَّى إِذَا جَاءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئًا وَوَجَدَ اللَّهَ عِنْدَهُ فَوَفَّاهُ حِسَابَهُ وَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ ﴾ [النور: 39]، والإيمان شرط لقبول العمل والهداية إلى الحياة السعيدة؛ فقال تعالى: ﴿ مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾ [النحل: 97]؛ فقال: ﴿ وَهُوَ مُؤْمِنٌ ﴾.
الشرط الثاني: الإخلاص لله تعالى: وهو أن يكون قصده وجه الله لا الدنيا ولا الرياء ولا طلب المحمدة من الشهرة؛ قال الله تعالى: ﴿ قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا ﴾ [الكهف: 110]، وعند مسلم عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((قال الله تبارك وتعالى: أنا أغنى الشركاء عن الشرك، من عمل عملًا أشرك فيه معي غيري، تركته وشركه))[4].
قال ابن رجب رحمه الله: "اعلم أن العمل لغير الله أقسام: فتارة يكون رياء محضًا كحال المنافقين؛ كما قال تعالى: ﴿ وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلَاةِ قَامُوا كُسَالَى يُرَاءُونَ النَّاسَ ﴾ [النساء: 142]، وهذا الرياء المحض لا يكاد يصدر من مؤمن في فرض الصلاة والصيام، وقد يصدر في الصدقة أو الحج الواجب أو غيرهما من الأعمال الظاهرة أو التي يتعدى نفعها؛ فإن الإخلاص فيها عزيز، وهذا العمل لا يشك مسلم أنه حابط، وأن صاحبه يستحق المقت من الله والعقوبة، وتارة يكون العمل لله ويشاركه الرياء؛ فإن شاركه من أصله، فالنصوص الصحيحة تدل على بطلانه، وأما إن كان العمل لله وطرأ عليه نية الرياء، فإن كان خاطرًا ثم دفعه، فلا يضره بغير خلاف، وإن استرسل معه، فهل يحبط عمله أو لا فيجازى على أصل نيته؟ في ذلك اختلاف بين العلماء من السلف قد حكاه الإمام أحمد وابن جرير، ورجَّحا أن عمله لا يبطل بذلك، وأنه يجازى بنيته الأولى، وهو مروي عن الحسن وغيره..."؛ [انتهى]، فتحفظوا على أعمالكم من الشرك أعظم مما تتحفظون على أنفسكم من أعدائكم، وأعظم مما تتحفظون على أموالكم من السراق؛ فإن خطر الشرك عظيم.
الشرط الثالث: الاتباع: وهو موافقة العمل لسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: ((جاء ثلاثة رهط إلى بيوت أزواج النبي صلى الله عليه وسلم يسألون عن عبادة النبي صلى الله عليه وسلم، فلما أُخبروا كأنهم تقالُّوها، فقالوا: وأين نحن من النبي صلى الله عليه وسلم قد غُفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر؟ قال أحدهم: أما أنا فإني أصلي الليل أبدًا، وقال آخر: أنا أصوم الدهر ولا أفطر، وقال آخر: أنا أعتزل النساء فلا أتزوج أبدًا، فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: أنتم الذين قلتم كذا وكذا، أما والله إني لأخشاكم لله وأتقاكم له، لكني أصوم وأفطر، وأصلي وأرقد، وأتزوج النساء، فمن رغب عن سنتي فليس مني))[5].
ثالثًا: ثمرات العمل الصالح:
اعلموا بارك الله فيكم وزادكم من علمه أن للعمل الصالح ثمراتٍ في الدنيا والآخرة، يجدها المسلم في حياته اليومية وكذلك يجدها في حياته الأخروية؛ قال تعالى: ﴿ وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ ﴾ [البقرة: 281]؛ وفي هذه الآية نصٌّ على أن الثواب والعقاب متعلق بكسب الأعمال، وأن ما عدا العمل يتلاشى؛ قال تعالى: ﴿ وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى * وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرَى * ثُمَّ يُجْزَاهُ الْجَزَاءَ الْأَوْفَى ﴾ [النجم: 39 - 41].
رابعًا: ثمرات العمل الصالح في الدنيا:
للعمل الصالح ثمرات في الدنيا قبل الآخرة، فالله تعالى هو الكريم الذي يجازي من أطاعه بالثواب الجزيل في الدنيا، مع ما ادخره لهم في الآخرة؛ وإليكم بعض تلك الثمرات:
الثمرة الأولى: السعادة والحياة الطيبة:
إخوة الإيمان، السعادة هي الغاية التي يبحث عنها جميع البشر على اختلاف معتقداتهم ومع اختلاف لغاتهم، ولا تكون إلا في طاعة الله وطاعة رسوله صلى الله عليه وسلم، والمسارعة إلى كل عمل يحبه الله ويرضاه؛ قال تعالى: ﴿ مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾ [النحل: 97]؛ قال ابن كثير: "هذا وعد من الله تعالى لمن عمل صالحًا - وهو العمل المتابع لكتاب الله تعالى وسنة نبيه - من ذكر أو أنثى من بني آدم، وقلبه مؤمن بالله ورسوله، وإن هذا العمل المأمور به مشروع من عند الله - بأن يحييَه الله حياة طيبة في الدنيا، وأن يجزيَه بأحسن ما عمله في الدار الآخرة"[6].
كما جاء التعبير عن السعادة بنفي الشقاء والضلال، وبذكر مقابلها وهو الضنك؛ قال تعالى: ﴿ فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى * وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا ﴾ [طه: 123، 124]، فالشقاء الذي هو ضد السعادة مقرونٌ بالإعراض عن ذكر الله، واتباع هدى الله هو سبيل البعد عن الشقاء وتحقيق السعادة.
الثمرة الثانية: حفظ الأهل والذرية والأموال:
أخي المسلم، إذا أردتَ أن تؤمِّنَ مستقبل أبنائك، فلا يكون ذلك بكثرة الأموال أو الأطيان أو العقارات، وإنما يكون ذلك بطاعة رب الأرض والسماوات، وأن تقيَهم وتحميَ نفسك بالتقوى؛ قال تعالى: ﴿ وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعَافًا خَافُوا عَلَيْهِمْ فَلْيَتَّقُوا اللَّهَ وَلْيَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا ﴾ [النساء: 9]، ويفسر هذه الآية آية سورة الكهف؛ قال الله تعالى في قصة إقامة الجدار للغلامين على لسان الخضر لموسى عليهما السلام: ﴿ وَأَمَّا الْجِدَارُ فَكَانَ لِغُلَامَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي الْمَدِينَةِ وَكَانَ تَحْتَهُ كَنْزٌ لَهُمَا وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحًا فَأَرَادَ رَبُّكَ أَنْ يَبْلُغَا أَشُدَّهُمَا وَيَسْتَخْرِجَا كَنْزَهُمَا رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ ﴾ [الكهف: 82]؛ قال ابن عباس رضي الله عنه في قوله: ﴿ وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحًا ﴾: "حُفظا بصلاح أبيهما"، وعن وهب قال: "إن الله يصلح بالعبد الصالح القبيل من الناس"[7]، وقال محمد بن المنكدر: "إن الله تعالى يحفظ عبده المؤمن في ولده وولد ولده وفي ذريته وفي الدويرات حوله".
الثمرة الثالثة: سبب لتفريج الهموم وكشف الغموم والكربات وقضاء للحاجات:
إذا كنتَ مهمومًا أو تخشى من الهموم والكروب، فبادر إلى الأعمال الصالحات تجد أثرها عند الأزمات والمدلهمات؛ فلقد ذكر الله جل جلاله في سورة الأنبياء جملة من أخبارهم وما حلَّ بهم من الهموم والإيذاء والغموم، وما نزل بهم من الشدائد والمصائب، فذكر إبراهيم وموسى، ولوطًا ونوحًا، وداود وسليمان، وأيوب وذا النون، وزكريا ويحيي عليهم الصلاة والسلام، ثم ذكر سبحانه فضله ومَنِّه وكرمه على أنبيائه؛ وقال بعدها: ﴿ إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ ﴾ [الأنبياء: 90]؛ والمعنى: أنهم نالوا من الله تعالى ما نالوا بسبب اتصافهم بهذه الخصال الحميدة.
وفي قصة الثلاثة الذين دخلوا الغار فأُطبق عليهم، كان للعمل الصالح أثرٌ عظيم في نجاتهم من الهلاك؛ عن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((خرج ثلاثة يمشون فأصابهم المطر فدخلوا في غار في جبل، فانحطت عليهم صخرة، قال: فقال بعضهم لبعض: ادعوا الله بأفضل عمل عملتموه، فقال أحدهم: اللهم إني كان لي أبوان شيخان كبيران - فذكر من حسن بره بهما - ثم قال: فكرهت أن أوقظهما والصبية يتضاغَون عند رجلي، فلم يزل ذلك دأبي ودأبهما حتى طلع الفجر، اللهم إن كنت تعلم أني فعلت ذلك ابتغاء وجهك فافرج عنا فرجةً نرى منها السماء، قال: ففرج عنهم، وقال الآخر: اللهم إن كنت تعلم أني كنت أحب امرأةً من بنات عمي كأشد ما يحب الرجل النساء - وذكر من عفته عما حرم الله - ثم قال: فإن كنت تعلم أني فعلت ذلك ابتغاء وجهك فافرج عنا فرجةً، قال: ففرج عنهم الثلثين، وقال الثالث: اللهم إن كنت تعلم أني استأجرت أجيرًا بفَرَقٍ من ذرة فأعطيته وأبى - فذكر من حسن وفائه - ثم قال: اللهم إن كنت تعلم أني فعلت ذلك ابتغاء وجهك فافرج عنا فكشف عنهم))[8].
الثمرة الرابعة: محبة الله عز وجل والقرب منه:
فالعمل الصالح سبب لحب الله عز وجل لعبده وحمايته وحفظه له؛ فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن الله قال: من عادى لي وليًّا، فقد آذنته بالحرب، وما تقرب إليَّ عبدي بشيء أحب إليَّ مما افترضت عليه، وما يزال عبدي يتقرب إليَّ بالنوافل حتى أحبه، فإذا أحببتُه، كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي بها، وإن سألني لأعطينه، ولئن استعاذني لأعيذنه، وما ترددت عن شيء أنا فاعله ترددي عن نفس المؤمن؛ يكره الموت وأنا أكره مساءته))[9] ؛ فنفهم من الحديث أن التقرب إلى الله بالنوافل حتى تستحق المحبة منه تعالى لا يكون ذلك إلا بغاية التواضع والتذلل له، وفيه أن النوافل إنما يزكو ثوابها عند الله لمن حافظ على فرائضه وأداها[10]، ومتى أدام العبد التقرب بالنوافل، أفضى ذلك به إلى أن يحبه الله عز وجل[11].
الثمرة الخامسة: أن العمل الصالح يورث الود في قلوب الخلق:
فمن ثمرات العمل الصالح محبة الخلق التي يلقيها الله في قلوب عباده؛ قال تعالى: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدًّا ﴾ [مريم: 96]؛ أي: إن الذين آمنوا بالله ورسله، وصدقوا بما جاءهم من عند ربهم، فعملوا به، فأحلوا حلاله، وحرموا حرامه، ﴿ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدًّا ﴾ في الدنيا في صدور عباده المؤمنين؛ قال قتادة: "ما أقبل عبدٌ إلى الله إلا أقبل الله بقلوب العباد إليه، وزاده من عنده"[12].
أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم.
الخطبة الثانية
اسفل الصفحة الرئيسية